يعتقد الباحثون أن نسج السجاد نشأ في بلاد الرافدين أو ما بين النهرين، وتطور إلى حد كبير في حضارة بابل التي استمرت حتى عام 539 قبل الميلاد عندما غزاها الجيش الفارسي بقيادة كورش الكبير الذي يُعتقد أنه هو من نقل فنون صناعة السجاد من بابل إلى بلاد فارس القديمة ودعمها بشكل واضح حتى رحيله. كما يُعتقد أنه دفن في قبر مغطى بسجاد لا يقدر بثمن، وربما يفوق بكثير أغلى السجاد في العالم من حيث القيمة.
كل ذلك يعني باختصار أن صناعة السجاد ولدت في هذا الجزء من العالم قبل نحو أكثر من 2600 عام على الأقل، ومع ذلك يعتقد بعض الباحثين أنه من الممكن أن يكون الفرس قد أتقنوا هذه التقنيات الخاصة بصناعة السجاد بشكل أو بآخر حتى قبل ذلك الغزو، إذ كانت منازلهم في حاجة مستمرة لوسائل تحميها من البرد، بينما كانوا يربون الحيوانات والأغنام والماعز التي توفر ما يكفي من الصوف لصنع مثل هذه البُسُط الرائعة.
وسواء نشأت صناعة السجاد في بلاد ما بين النهرين أو في بلاد فارس، فإن المحصلة النهائية تبدو في الواقع شديدة التميز والروعة، إذ عمل القدماء هناك على صناعة السجاد بهدف تغطية أرضيات الخيام في البيئات البدوية أو المنازل في التمركزات السكانية للحماية من البرد.
ولما كانت هذه الوسيلة ناجحة للغاية، فقد توارثت صناعتها الأجيال، بينما عملوا على تطويرها بما يعطي لكل سجادة مزيدًا من التفرد والإتقان ويمنحها عمرًا أطول، ومن ثم فقد أصبحت فارس "إيران" من أشهر الدول في تصنيع السجاد.
وبتطور التجارة بين الدول عبر العصور، تطور فن النسج الخاص بالسجاد، ما أدى إلى مجموعة هائلة من الأنماط والتصاميم، وكذلك الأسعار المتباينة حسب الخامات والصنعة وصولاً لأغلى السجاد في العالم. بل إن بعض السجاد يحمل قيمة تاريخية وارتباطًا بعصور وأحداث خاصة، ومن ثم يُعد كأي أثر راقٍ لا يمكن تقديره بالمال.
قد تكون أقدم سجادة معروفة حتى الآن هي سجادة بازيريك Pazyryk، المعروضة في متحف الارميتاج Hermitage في سان بطرسبرغ بروسيا، وهي تعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
تعكس هذه السجادة الحرفية المثالية وتوضح تعقيد التصاميم المتقنة، فيما تشير إلى أنها صنعت لما هو أكثر من الاستخدامات العملية التي سبق أن ذكرنا بعضها.
وفي السطور الآتية نعرض بعض القطع من أغلى السجاد في العالم، التي أمكن وضع أثمان لها خلال مزادات جرت على مدار العقود الثلاثة الماضية ...
أغلى السجاد في العالم
سجادة كلارك المنجلية The Clark Sickle Leaf Carpet
فارسية تعود للقرن السابع عشر، بيعت بسعر 33.7 مليون دولار.
تعد هذه السجادة حتى الآن الأولى في قائمة أغلى السجاد في العالم وفي التاريخ أيضًا، وقد قدرت قيمتها قبل المزاد بسعر لا يتجاوز 10 ملايين دولار أمريكي. ولكن يبدو أن مالكها الجديد، الذي لم يعلن عن اسمه، لم يكن ليتخلى عن هذا الإبداع، فانتهى به الأمر خلال معركة المزايدة -التي شارك فيها عبر الهاتف واستمرت لعشر دقائق- بدفع قيمة باهظة مقابل هذه القطعة الفريدة من السجاد بحجم 9.8 × 5.6 قدم، والتي تبرع مالكها السابق رجل الصناعة السيناتور ويليام إيه كلارك بها، إلى جانب أكثر من 200 قطعة فنية أخرى.
وكانت سجادة كلارك قد عُرضا مثالاً على إبداع السجاد الفارسي في المتاحف والمعارض المختلفة، بما في ذلك معرض كوركوران للفنون ومتحف النسيج ومعرض آسيا هاوس ومتحف فوج للفنون، إلى أن عرضت بمزاد سوذبيز نيويورك في يونيو من عام 2013، حيث حطمت بتاريخها الذي لا يتجاوز 400 عام الأرقام القياسية لأسعار السجاد التاريخي حتى يومنا هذا.
هذه القطعة الأغلى من السجاد نُسجت على الأرجح في مدينة كيرمان الإيرانية، وقد تميزت بأناقة وجودة استثنائية على الرغم من عمرها، ما كرّس ندرتها وسعرها القياسي.
وحسب الخبراء فإن تصميم الأوراق المنجلية هو أندر أنماط السجاد الزخرفية، وتعد هذه السجادة المثال الوحيد المعروف من هذا النوع الذي يتميز بخلفية حمراء، ولذلك احتلت بسهولة رأس قائمة أغلى السجاد في العالم.