نفذت قوات الجيش الإسرائيلي، خلال اليومين الماضيين تقدمًا بريًا نحو بلدة القرارة الواقعة بين مدينتي خان يونس ودير البلح وسط وجنوب قطاع غزة، مع قصف مكثف وعنيف لتلك المنطقة، وسط تساؤلات حول وجود مخطط إسرائيلي لفصل وسط القطاع عن جنوبه.
وخلال الأشهر الستة من الحرب لم يفصل الجيش الإسرائيلي المنطقتين عسكرياً؛ إلا أنه نفذ عددًا من العمليات المحدودة بمنطقة المواصي، وانسحب منها خلال ساعات، إلا أن مخاوف الفلسطينيين لا تزال قائمة بشأن إمكانية فصلها بالدبابات في أي لحظة.
مربعات أمنية
ويرى الخبير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أحمد عوض، أن "تقسيم القطاع إلى عدة مربعات بات هدفًا واضحًا للجيش الإسرائيلي"، مشيرًا إلى أنه من غير المستبعد أن تقدم إسرائيل على فصل وسط القطاع عن جنوبه خلال الأيام المقبلة.
وأوضح عوض في تصريح صحفي، أن "الجيش الإسرائيلي سيعمل على شق طرق أمنية له داخل القطاع، تمكنه من تنفيذ عمليات مكثفة ومحدودة في أي منطقة، والتي ستكون على أطرافها منشآت ضخمة لتفتيش سكان القطاع واعتقال المطلوبين منهم".
وأضاف: "المخطط الإسرائيلي يقضي بتقسيم القطاع إلى مربعات أمنية يمكن السيطرة عليها، وتقليص مساحته وإقامة منطقة أمنية عازلة"، مشددًا على أن ذلك يأتي في إطار سعي إسرائيل لإعادة إنتاج الاحتلال بطريقة مختلفة.
وأشار عوض إلى أن "إسرائيل تتصرف على أساس أنها منتصرة في غزة، وأنها الحاكم العسكري والأمني للقطاع، وبالتالي فإن تقسيم وسط وجنوب القطاع مسألة وقت"، مبينًا أن ذلك سيؤثر بشكل سلبي على حياة السكان.
وتابع قائلا: "بتقديري الجيش الإسرائيلي سيكرر سيناريو الفصل الخاص بغزة وشمالها، وسيعمل على إيجاد طرق بديلة لإدخال المساعدات الإنسانية للسكان والنازحين"، مؤكدًا أن فصل الوسط عن الجنوب سيكون الخطوة الأولى للبدء في تنفيذ عملية رفح العسكرية.
وشدد المحلل السياسي، على أن "إسرائيل تعمل على تدمير حماس سياسيًا وعسكريًا وإداريًا في غزة، وتبحث عن قيادة بديلة للفلسطينيين بالقطاع بعيداً عن السلطة الفلسطينية"، محذراً من خطورة المخططات الإسرائيلية على سكان القطاع.
ويرى الخبير في الشأن العسكري، اللواء يوسف الشرقاوي، أن "فصل الجيش الإسرائيلي لوسط القطاع عن جنوبه من منطقة القرارة مرهق عسكريًا له؛ إلا أن هذا الأمر غير مستبعد، خاصة في حال ارتبط ذلك بالهجوم على رفح.
وقال الشرقاوي، في حديث صحفي، إنه "وخلال الفترة الماضية أجرى الجيش الإسرائيلي عمليات محدودة على شكل مناورات عسكرية، هدفها الرئيس وضع تصور لمخطط فصل وسط القطاع عن جنوبه".
وأوضح أن "إسرائيل تدرك صعوبة ذلك لاعتبارات سياسية وعسكرية، أبرزها الضعف الأمني الذي ستعاني منه في تلك المنطقة، والتي تعتبر ضيقة جدًا مقارنة بمناطق غرب غزة"، مبينًا أنها ستحتاج لتنفيذ عملية عسكرية معقدة قبل ذلك.
وأشار إلى أن "إسرائيل ستواجه أيضًا رفضًا دوليًا لإغلاق خط الإمداد الوحيد للمساعدات الإنسانية للنازحين من الوسط للجنوب"، مبينًا أن ذلك سيدفع حكومة بنيامين نتنياهو للبحث عن بدائل من أجل إدخال المساعدات لمختلف المناطق.
واستدرك: "لكن بتقديري سيتم تنفيذ مثل هذا المخطط قبل البدء بعملية رفح وسيسبقه أيضًا إجبار النازحين بمنطقة القرارة والمواصي على إخلائها والتوجه لمناطق أخرى"، متابعًا: "إسرائيل تؤجل المخطط لإقناع حلفائها بعملية رفح والبدء بها في إطار الدعم الأمريكي".
ووفق الخبير العسكري، فإن "المنطقة ستشهد هجمات مكثفة خلال الأيام المقبلة، وذلك من أجل إجبار السكان على البحث عن ملاذ آمن لهم، الأمر الذي يسهل على الجيش الإسرائيلي تنفيذ المخطط بأقل خسائر ممكنة".