طالما تكالبت قوى الظلام على وطننا الغالي من عدة اتجاهات وجبهات، وحاولت بعض القوى والكيانات العابثة منذ عقود أن تمد يدها الطولى إليه، بهدف إحداث الفوضى والخراب فيه، والعبث بأمنه واستقراره، فقبل عدة أيام كانت قوى الظلام على موعد عند مخلفات مشهد مزيف، تجمعت كالذباب على القدر التي تنبعث منها روائح نتنة، ودعاة الفتنة وجدوا فرصة لترويج سمومهم، خاصة أن الحرب المستعرة على غزة دخل عليها لاعبين سياسيين جدد كانوا خلف الكواليس، والآن أصبح اللعب على المكشوف، أرادوا بذلك استعراض قوة وهمية لفرض نوع من الهيمنة والسيطرة على المشهد بهدف إشاحة نظر العالم عما يجري من قتل وظلم وتنكيل بأهل غزة، وبهذا تم إعطاء كيان العدو المحتل فرصة لكسب تعاطف العالم، بعد أن اشتعل عليه غيظاً وحنقاَ بسبب المجازر التي يرتكبها كل يوم بحق المدنيين في غزة والضفة الغربية.
هنا على الساحة الأردنية تجدد فتيل الهجمة الناتجة عن إفرازات تلك الحرب بحرب شرسة وممنهجة على الوطن وقيادته التي فطنت للعبة التي تحاك في الظلام مبكراَ، وقرأت ما وراء الحدث ما يحاك من مؤامرات تحت الطاولة بهدف إيقاع الوطن في شراك لعبة قذرة، تحاول إحداث الخراب والفتنة، وزج الأردن في ساحة مشتعلة من الفوضى والفلتان الأمني، والملفت للنظر هناك أقلام محلية وخارجية خرجت إلى الساحة، وساعدت في هذه الهجمة، وأشعلت مواقع التواصل الاجتماعي بشتى أساليب الطعن في دور الأردن الذي لم ولن يتغير منذ نشأة الدولة، والذي عرف عنه بمواقفه العروبية، دون أن يثير الجلبة لما يقدمه من مد يد العون لإخوانه العرب، وعلى وجه الخصوص في فلسطين وغزة المحتلتين .
السياسة لها أهلها، وهنا لا أعني بمقالتي هذه أن أضيف تحليل أو تفسير لما يحدث، ولكن كأردنية فإن كل ذلك يعنيني، ويعني كل أردني ذاكرته ممتلئة بتاريخ حافل بالعز والشموخ، وكل معاني العطاء والبذل، ونصرة المظلوم، والدفاع عن الوطن في ظل هذه الظروف الاستثنائية فرض عين وليس واجب، رغم أن دور الأردن تجاه ما يحدث جلي كالشمس إلا من أراد أن يرتدي نظارة تجعل المشهد ظلامي بعينيه، بهدف إخراج أحقاده وفكره الشائب إلى الملأ، وهنا لسنا معنيين بالعلاج السلوكي لهؤلاء، أو إقناعهم بدور الأردن الذي لم يقف محايداَ أمام أي قضية عربية، بل كان محوراَ أساسيا في رأب كل صدع يحدث بأية بقعة جغرافية عربية أو اقليمية.
وهنا في مقالتي هذه أقول : لقد خسر هؤلاء أنفسهم عندما انحازوا لفكرهم المنغلق، وما حصدوا إلا الهشيم من النار التي حاولوا إشعالها بين مكونات المجتمع الأردني المتماسك، الذي كلما راهن عليه تجار الفتنة والدمار، زاد تماسكاَ وإلتفافاَ حول وطنه وقيادته، وعلى عكس ما يتوقعون فإن الإنسان الأردني واع لما يحدث، ويفتدي وطنه بالروح والدم عندما يحتاج الوطن لذلك دون تفكير منه أو تردد، لأن هذا الوطن مربض الأسود المستعدة أن تفتديه بالأرواح والمهج، ولأن هذا الوطن دفع الكثير من الثمن لمواقفه العربية، ولا زال يعاني من تبعات الأحداث على جميع الأصعدة العربية والعالمية، فلا تختبروا الأردنيين قبل أن تمعنوا بالتاريخ جيدأ، لأننا شعب نحفظ أبجديات الكرامة والفخر.