يتطلّع الأردنيون، وهم يحتفلون يوم غدا السبت ، بالعيد الثامن والسبعين لاستقلال المملكة الأردنية الهاشمية، بعزيمة وأمل نحو مستقبل أكثر إشراقاً وإنجازاً لوطنهم، عاقدين العزم على مواصلة مسيرة العمل والعطاء لدولتهم العزيزة التي دشنت مئويتها الثانية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وعلى يمينه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد.
ويفخر الأردنيون في عيد الاستقلال، بوطنهم ومليكهم، ويمضون قُدماً لتعزيز مسيرة بناء الأردن، بخطى واثقة، نحو التحديث السياسي ومسارات الإصلاح الاقتصادي والإداري، ضمن منظومة متكاملة ومتناغمة.
وفي كل عام، يُباهي أبناء الأردن وبناته العالم بهذا اليوم الوطني الأغر، بما حققّوه من إنجازات وطنية، وما سطّروه بقيادتهم الهاشمية من قصص نجاح، جعلت من الأردن واحة أمن واستقرار، وليكون عيد الاستقلال، محطة احتفال بـ (الإنجاز) وانطلاقة جديدة في مسيرة إصلاح مستمرة ترتكز على قيم ومبادئ ثابتة، مُستلهمة من مبادئ ومنطلقات الثورة العربية الكبرى.
وفي هذه الذكرى الخالدة خلود الوطن، تسطع صفحات مُشرقة من المجد والسعي الدؤوب لحياة فُضلى، كما تفتح هذه الذكرى العزيزة على قلوب الأردنيين، سفر البذل والعطاء، لتقرأ في صفحته الأولى ملحمة الكفاح والنضال، مُدركين جميعاً أن الاستقلال مشروع إرادة وحرية، قاده الهاشميون وحولهم شعبهم الوفي، للنهوض الشامل والسيادة المطلقة على امتداد خارطة الوطن العزيز.
وفي يوم الاستقلال، يُجدّد الأردنيون العهد، ويُرسّخون العقد، ويضربون المثل الأعلى في الإصرار على الإنجاز والمحافظة عليه، ومنذ ذلك التاريخ، استندت الدولة الأردنية إلى قواعد راسخة في الإصلاح والعدالة والعيش المشترك وقبول الآخر وسيادة القانون، لتحقيق التنمية الشاملة والعيش الكريم لأبنائها، كما أرسى المغفور له بإذن الله، الملك عبدالله الأول المؤسس قواعد إنشاء دولة المؤسسات، وأسندها المغفور له بإذن الله الملك طلال بن عبدالله بدستور حضاري، ورفع بنيانها وزاد من شأنها باني نهضة الأردن الحديث، المغفور له بإذن الله، جلالة الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراهم.
ثمانية وسبعون عاماً تفصل يومنا هذا عن ذلك اليوم المُكلّل بالمجد والفخار، حين التأم فيه المجلس التشريعي الأردني في 25 أيار من العام 1946، وتُلي فيه نص القرار التاريخي لإعلان استقلال المملكة بما يلي: "تحقيقاً للأماني القومية وعملاً بالرغبة العامة التي أعربت عنها المجالس البلدية الأردنية في قراراتها المُبلغة إلى المجلس التشريعي، واستناداً إلى حقوق البلاد الشرعية والطبيعية وجهادها المديد وما حصلت عليه من وعود وعهود دولية رسمية، وبناء على ما اقترحه مجلس الوزراء في مذكرته رقم 521 بتاريخ 13 جمادى الآخرة 1365 الموافق 15/5/1946، فقد بحث المجلس التشريعي النائب عن الشعب الأردني أمر إعلان استقلال البلاد الأردنية استقلالاً تاماً على أساس النظام الملكي النيابي، مع البيعة بالمُلك لسيد البلاد ومُؤسس كيانها، الملك المغفور له بإذن الله عبدالله بن الحسين، طيب الله ثراه، لتبقى هذه اللحظات عالقة في ذاكرة تاريخ الوطن، كمحطات مضيئة لا تمحو الأيام عبيرها، وستبقى في الوجدان أنشودة وطن يتغنى بها المخلصون من أبنائه وبناته.
وسجّل الجيش العربي في العام 1968، أروع البطولات وأسمى معاني الفداء والذود عن حمى الوطن وصون كرامته، إذ تمكّن الجيش العربي المصطفوي، من إلحاق أول هزيمة بالجيش الإسرائيلي في معركة الكرامة الخالدة، والتي رفض الملك الحسين، طيب الله ثراه، وقف إطلاق النار فيها حتى انسحاب آخر جندي إسرائيلي من الأراضي الأردنية.
ويولي جلالة الملك، القائد الأعلى للقوات المسلحة- الجيش العربي، القوات المسلحة والأجهزة الأمنية جُل اهتمامه، ويحرص على أن تكون هذه المؤسسات في الطليعة إعداداً وتدريباً وتأهيلاً، لتكون قادرة على حماية الوطن ومكتسباته، والعمل على تحسين أوضاع منتسبيها العاملين والمتقاعدين.
ويكرّس جلالة الملك جهوده الدؤوبة مع الدول الفاعلة للتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق حل الدولتين، وهي جهود ترافقت مع دعم ملكي متواصل للأشقاء الفلسطينيين على الصعيد السياسي والإنساني.
كما يبذل جلالته جهوداً كبيرة باعتباره وصياً وحامياً وراعياً للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، للحفاظ على هويتها العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، ودعم وتثبيت سكانها، مسلمين ومسيحيين، والتصدي لكل الإجراءات الإسرائيلية الأحادية التي تستهدف تغيير هوية المدينة وعروبتها.
ويُوظّف الأردن طاقاته وإمكاناته للتصدي لمخاطر التطرف والإرهاب، وخاصة من خلال المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الحوار بين الديانات، والمذاهب، والحضارات المختلفة وتبيان الوجه الناصع الحقيقي للدين الإسلامي الحنيف ورسالته السمحة العظيمة.
وهنا نستطيع القول إن ذكرى الاستقلال مناسبة ذات معنى كبير نستلهم منها الدروس والعبر التي أولها العرفان بتضحيات الطيبين الاوائل وثانيها الاعتزاز بإخلاص الطيبين الذين أسسوا الوطن فأنجزوا حتى غدا الاردن وطن الانجاز والتطور وثالثها موقفنا ودورنا نحن اليوم الجيل المتحفز للعطاء، فالواجب الوطني يتطلب ان نكون صفا واحدا متماسكا مع قائد الوطن لنبني فوق ما بنى الأجداد في مشهد موحد أمين نعظم وحدتنا الوطنية على قواعد الإصلاح الشامل بما يحقق العدالة والمساواة ويفتح الفرص للجميع.
وهنا نؤكد على معاني الاستقلال وأثرها في نفوس الأردنيين مشيدين بالانجازات التي تحققت منذ ذلك الحين حتى تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني الراية فأكمل مسيرة البناء والعطاء في جميع الميادين حتى غدا الأردن دولة عظيمة البنيان ترقى إلى مصاف الدول المتقدمة.
اننا نحتفل اليوم بذكرى الاستقلال بكل ما يليق بهذه المناسبة من إجلال وإكبار أمام عظمة الانجازات، حيث اننا نتمتع بدولة عصرية متطورة بمؤسساتها التعليمية، ومدارسها، ومصانعها، وأسواقها، ومدنها الصناعية، وبيوتها المزدحمة بالسكان، ومؤسساتها المالية والإعلامية، وطرق مواصلاتها واتصالاتها الواسعة.
ان اهمية تعزيز وحدتنا الوطنية، والتطلع لمستقبل واحد يتحقق من خلال الالتفاف حول القيادة الملهمة، والمضي لمزيد من الاستقلال والحرية والعدالة وتحقيق الأردن الأنموذج كما أراد. إن الاستقلال ليس مناسبة نجلس فيها لكي نتنافس في إفراغ شحنات الحب والولاء أو إلقاء الخطب والقصائد وتدبيج المديح وتعداد الانجازات، والتعبير عن الولاء للعرش وللقيادة فحسب، ولكنها فرصة ولحظة تاريخية لا مناص من اغتنامها من اجل التأكيد على جملة من الثوابت والحقائق في مقدمتها ان إخلاصنا وولاءنا للعرش المفدى ومليكنا المحبوب جزء لا يتجزأ من تكويننا العاطفي، وتركيبتنا الفكرية التي لا نقبل أن يجادلنا فيها أحد. عاقدين العزم على مواصلة مسيرة العمل والعطاء لدولتناالعزيزة التي دشنت مئويتها الثانية، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، وعلى يمينه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد. كل عام والاردن بالف خير والشعب الاردني العظيم بالف خير.