العيد فرحة: إن اكتمال الدين فرحة وسعادة، وفوز بالدارين، لذلك بيوم عرفة يُعتق الله فيه عباداً من النار، ويباهي بهم ملائكتهُ، ليتمثل عيدنا الأكبر، عيد الأضحى بالمودة الدنيوية والفرحة الأخروية، فأعياد الدنيا كلها تأتي بعد أداء رُكن الإسلام الخامس، أما عيد الآخرة فهو سعادة العبد بقُرب ربه ولقاء حبيبه في الجنة، فيكرمهم الله تعالى بالتجلي لهم فينظرون إليه. لنتذكر أمير الشعراء أحمد شوقي - رحمه الله – بقوله:
اقرأ التاريخ إذ فيه العبر ضاع قوم ليس يدرون الخبر..
إنها معاني روحانية ظاهرة وخفية للحج المبرور، وما يتضمنه من قُدسية وهيبة المواضع الشريفة بأرض الحرمين، ومركزها بيت الله الحرام في منظره المكتظ بضيوف الرحمن كلوحة فنية بديعة تبهر الناظرين وتؤثر النفوس والقلوب حتى من غير الناظرين، وتؤلم الحاقدين بحسن التنظيم وإدارة الحشود المميزة، في مكان يحمل عليه ما يقارب ثلاثة ملايين (حج)، وهو يعكس بعض ما تحمله المُناسبة العطرة من شعائر ومعالم وأهداف، وكأنها جعلت من جُنده حرفين يحتمي فيهما «الجيم» أخاه حرف «الحاء»؛ شعارها اللفظي جُزء من كلمات رب العباد في قوله تعالى الآية 46 من سورة الحجر {ادْخُلُوهَا بِسَلاَمٍ آمِنِينَ}، أي سالمين من الآفات، وآمنين أي من كل خوف، بحج مقبول عبر أنظمة وتصاريح تجعل منه مناسبة قوية، لا دخلاء فيها عبر التزوير والغش والرشوة للحملات الوهمية لأجل التوهم بالوقوف بعرفة، والتي وقف لها المملكة من مليكها وولي عهدها ورجالها من الحكومة ورجال الأمن كافة والمواطنين الشرفاء بالإجراءات القوية التي تضرب بيد من حديد كل من تسول نفسهُ تعكير صفو حفلنا البهيج ونجاحنا الباهر فلا حج بدلا تصريح ولا تسييس له، وهي قرارات شرعها الله بأنظمة لا لبس فيها، أملين أن يكون للحجاج تجربة عميقة وجديرة للتطلع إليها في العام المقبل، راضين بما رأوه من أخلاقنا بالمملكة، فأقل ما يُقال عنهم أنهم رجال مُبدعون، بنواً جماليات فصولها بوضوح صنَّاع من أياد شباب سعوديين.
فمكة قِبلة مُسلمي العالم، وبُوصلتها التي يهتدي بها المُسلمون من آفاق الأرض الأربعة، أفراداً ثم ينتظمون جماعات، ثم يدورون حول الكعبة، ثم ينتشرون في عرفات رئة الجسم الإسلامي فتصفي نفوسهم من أكدار الشهوات، يُظللهم دفء الرحمن بطيب مناسكه، ودروع الوطن وحماته وسعف نخيله بظلاله الرطبة، لموسم حج هذا العام، ليعودوا في نقاء من أوضار الذنوب، ويعودون إلى بلادهم أطهاراً، بنفوس جديدة تتناسب مع أحداث زماننا مع حج هذا العام، فبوركت رؤية المملكة 2030 في توحيد الرسالة الإعلامية للأجهزة الحكومية، وجهدها الأمني المشهود بتحقيق التنسيق والتكامل والتناغم في أدائها.