2025-12-25 - الخميس
المنتخب الوطني لكرة اليد يعسكر في مصر nayrouz نيروز الإخبارية تعزي الزميل علي النجادات بوفاة شقيقه محمود nayrouz تشييع جثمان الرقيب قيس محمد عبدالعزيز يعقوب بمشاركة قيادات من مديرية الأمن العام nayrouz المصري: المصري يشيد باهتمام ولي العهد بالملف البيئي ويؤكد أهميته كأولوية وطنية. nayrouz مندوبا عن الملك وولي العهد… العيسوي يعزي آل شكوكاني nayrouz ستيفان كوري: من دواعي سروري دائمًا اللعب في عيد الميلاد nayrouz لوكا زيدان: آمل أن تكون أسرتي سعيدة nayrouz قطعة معدنية تودي بحياة لاعب على أرض ملاعب الدوري البوروندي nayrouz بعثة تجارية إيطالية تزور الأردن شباط المقبل nayrouz بابا الفاتيكان يستنكر بشدة أوضاع الفلسطينيين في غزة nayrouz نعيمات وعلوان والتعمري ضمن قائمة فوربس الشرق الأوسط 30 تحت 30 لعام 2025 nayrouz متحف الدبابات الملكي يستقبل زواره كالمعتاد اليوم وغدًا nayrouz عون: أبعدنا شبح الحرب عن لبنان nayrouz العراق يُجلي مواطنين عالقين في غزّة عبر الأردن nayrouz خريسات يكتب في صمت الرمل تنهض مدينة المشرق عمرة nayrouz الشيخ سعود الخنان الكعابنة يزور يزن النعيمات للاطمئنان على صحته في قطر nayrouz الأرصاد الجوية: طقس بارد ومنخفض جوي يؤثر على الأردن السبت nayrouz تربية جرش تنهي جاهزيتها الكاملة لعقد امتحانات الثانوية العامة للدورة التكميلية nayrouz عبيدات يكتب المسيحيون في الاردن والعالم العربي كل عام وانتم بخير nayrouz المعايطة: أعياد الميلاد المجيدة تمثّل صورة حضارية مشرقة للتعايش والوئام الديني وتبرز الاردن كوجهة روحية عالمية nayrouz
وفيات الأردن اليوم الخميس 25-12-2025 nayrouz رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا ينعى وفاة الزميل المهندس محمد العمايرة nayrouz الحديدي يعزي بوفاة العقيد المتقاعد حامد محمد الخليفات nayrouz الموت يغيب الممثل القدير والمخرج الفلسطيني محمد بكري nayrouz وفاة الشاب محمد العمايرة في حادث سير بالعقبة nayrouz شكر على تعاز من عائلة الناصر / خضير/ بني صخر. nayrouz فرج عبد الرحيم الفرج أبو رمان "أبو محمد " في ذمة الله nayrouz وفيات اليوم الاربعاء الموافق 24-12-2025 nayrouz وفاة الحاجة فضية زوجة المرحوم علي عافي الفريوان الجبور nayrouz مرزوق أمين الخوالدة يرثي خالته nayrouz وفاة الحاج مخلد سليمان الجبور nayrouz وفاة والدة معالي الدكتور ياسين الخياط nayrouz وفاة الحاجة رسمية عبدالله مفلح ارشيد الطيب "ام رائد" nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 23-12-2025 nayrouz الخريشا تشكر الملك وولي العهد على تعازيهم بوفاة المهندس راشد بدر الخريشا nayrouz شكر على تعاز nayrouz وفاة الحاجة عطفة محمد البشير الغزاوي (( ام ايمن )) nayrouz تعزية لرئيس لجنة بلدية حوض الديسة بالإنابة بوفاة عمه هارون الزوايدة nayrouz لفتة وفاء وأخوة.. متقاعدو الإعلام العسكري يعزّون بوفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 22-12-2025 nayrouz

نقوش الخواتم في الحضارة الإسلامية سفر نفيس للدكتور محمد الدروبي

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

صدر حديثاً عن دار الرَّياحين في عمّان وبيروت، شراكةً مع مكتبة نِظام يعقُوبي الخاصَّة في البحرين، كتابُ "نُقُوشِ الخَواتِمِ في الحَضارةِ الإِسلاميَّة: دِراسَةٌ تَحْليلِيَّةٌ ومُدَوَّنةٌ تَوْثيقِيَّة"، لمؤلِّفه الدكتُور محمَّد محمُود الدُّرُوبيّ، أُستاذ الأَدب والتُّراث في جامعة آل البيت في الأُرْدُنّ. وهو كتاب نادرٌ في موضُوعه، لطيفٌ في معناه ومبناه، وافرٌ في مادَّته، مُعَمَّقٌ في تحليلاته، مُستوعِبٌ في جمعه، دقيقٌ في توثيقه، غنيٌّ بمصادره المُتنوعة، يجمع بين الأَدب والتاريخ والفنّ والعلم.

 وقد جاء الإِصدارُ الجديدُ تُحفةً علميَّةً زاهية، بإِخراج فنيٍّ بديع، وحُلَّة ورقيَّة فاخرة مُلوَّنة، في (876) صفحة. وهو يمثل صَفْوةَ جُهُود البحّاثةِ الدُّرُوبيّ في دِراسة هذا الموضُوع التاريخيّ الحَضاريّ الأَدبيّ اللَّطيف.

سَعَتِ الدِّرِاسَةُ إِلى تَناولِ مَلامِحِ الكِتاباتِ المَنْقُوشَةِ على الخَواتِمِ فِي الحَضارَةِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّة، فِي أَعْصُرِها الزّاهِيَة، إِلى نِهايَةِ العَصْرِ العَبّاسِيّ. وقامَتِ المُباحَثَةُ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ- عَلى جَمْعِ مُدَوَّنَةِ ما بَقِيَ مِنْ نُقُوشِ الخَواتِمِ العائِدَةِ إِلى تِلْكَ القُرُون، مَعَ الاعْتِناءِ بِها دَرْساً وتَحْلِيلاً، وسَبْراً لِأَعْماقِ مَصادِرِها فِي التُّراثِ ودِراساتِ المُعاصِرِينَ حَوْلَـها، وتَبَيُّنِ اتِّجاهاتِها المَوْضُوعِيَّةِ وخَصائِصِها الأُسْلُوبِيَّة، ومُحاوَلَةِ تَفْسِيرِ شَيءٍ مِنْ دَلالاتِها الدِّينِيَّةِ والسِّياسِيَّةِ والأَدَبِيَّة.

 وسارَتْ خُطَّةُ الكِتابِ عَلى أَساسِ الاعْتِناءِ بِجانِبَي: الدِّرَاسَةِ العِلْمِيَّةِ والجَمْعِ التَّوْثِيقِيِّ فِي آنٍ، فَجاءَ البابُ الأَوَّلُ مُتَضَمِّناً دِراسَةً وافِيَةً مُتَكامِلَة، تَناولَتْ مَصادِرَ النُّقُوشِ التُّراثِيَّةَ ودِراساتِ المُعاصِرِينَ حَوْلهَا، وتارِيخَ الخَواتِمِ ونُقُوشَها ومَسِيرَتَها الحَضارِيَّة، وأَبْرَزَ مَضامِينِها المَوْضُوعِيَّة، ومَرامِيها ودَلالاتِها، وأَهَمَّ سِماتِها الفَنِّيَّةِ والأُسْلُوبِيَّة. وقَدَّمَ البابُ الثاني مُدَوَّنَةَ النُّقُوشِ الباقِيةِ التي احْتَفَظَتِ المَظانُّ بِذِكْرِها. ووَصَلَ مَجْمُوعُ النُّقُوشِ التِي أَمْكَنَ تَعْقَّبُها ورَصْدُها فِي هَذِهِ المُدَوَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَمِئَةِ نَقْش، مُوَثَقَّةً مُحَقَّقَةً مُخَرَّجَة، بَعْدَ جُهْدٍ جَهِيدٍ فِي البَحْثِ والفَتْشِ والتَّصْنِيفِ والتَّحْقِيق.

وعَنْ أَهَمِيَّةِ الحَفْرِ فِي هَذا المَوْضُوعِ الطَّرِيف، قالَ الدكتُور الدُّرُوبيّ: "تُمَثِّلُ العِنايَةُ بِدِراسَةِ نُقُوشِ الخَواتمِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ وجَمْعِها وتَحْقِيقِها وتَوْثِيقِها وَجْهاً أَصِيلاً مِنْ وجُوهِ العِنايَةِ بِالتُّراثِ العَرَبِيّ، والكَشْفِ عَنْ خَبِيءِ مَوْضُوعاتِهِ الحَضارِيَّةِ والتّارِيخِيَّةِ والأَدَبِيَّةِ اللَّطِيفَة. وتُشَكِّلُ نُقُوشُ الخَواتِمِ مادَّةً تارِيخِيَّةً وحَضارِيَّةً مُهِمَّة، وأَدَباً ثَرِيّاً جَدِيراً بِالبَحْثِ والدِّراسَة. وتَحْمِلُ هَذِهِ النُّقُوشُ دَلالاتٍ دِينِيَّةً وتارِيخِيَّةً وسِياسِيَّةً وأَدَبِيَّةً عَلى أَعْصُرِها، فالخَواتِمُ رَمْزُ السُّلْطَة، وسِجِلُّ التّارِيخ، ونُقُوشُها عَلاماتٌ عَلى الزَّمانِ الذِي نُقِشَتْ فِيه. ويُمَثِّلُ أَدَبُ الخَواتِمِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ لَوْناً مِنَ الالْتِزامِ والحِكْمَة، وتَتَحَقَّقُ فِيهِ أَبْعادٌ دِينِيَّةٌ وسِياسِيَّةٌ وتَرْبَوِيَّةٌ وتَهْذِيبِيَّةٌ ووَعْظِيَّة. وتُتِيحُ دِراسَةُ هَذِهِ النُّقُوشِ التَّعَمُّقَ فِي فَهْمِ كُنْهِ الشَّخْصِيَّةِ العَرَبِيَّة، وتَحْلِيلِ فَلْسَفاتِ حَيَواتِها وتَوَجُّهاتِها الفِكْرِيَّة. وتَكْشِفُ النُّقُوشُ عَنْ لَونٍ طَرِيفٍ مِنْ عِلْمِ "النُّمِّيّات"، والأَدَبِ "المُوشّى"، مِمّا لَمْ يَلْقَ كَبِيرَ عِنايَةٍ فِي الدِّراساتِ المُعاصِرَة. ويَقُومُ الأَدَبُ المَنْقُوشُ عَلى الخَواتِمِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ شاهِداً عَلى مُكْنَةِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ الشَّرِيفَة، ولا سِيَّما قُدْرَتُها الهائِلَةُ عَلى تَحْقِيقِ فِكْرَةِ الاقْتِصادِ اللُّغَوِيّ. وتَحْظى العِباراتُ المَحْفُورَةُ عَلى الخَواتِمِ بِقِيمَةٍ أَدَبِيَّةٍ وفِكْرِيَّةٍ وتارِيخِيَّةٍ وحَضارِيَّةٍ خاصَّة؛ فَهِيَ تَحْكِي قَصَصاً، وتُلَخِّصُ تارِيخاً، وتَخْتَصِرُ مَوْقِفاً، وتُنِيرُ عَلى أَسالِيبِ اللُّغَة، وطَرائِقِ الحَياة، ومَناهِجِ التَّفْكِير".

جاءَ الكِتابُ سِفْراً حَفِيلاً فِي مُقَدِّمَةٍ وبابَينِ رَئِيسَين، يَتَضَمَّنانِ تَمْهِيداً وثَمانِيَةَ فُصُول. انْبَنى البابُ الأَوَّلُ عَلى تَمْهِيدٍ وثَلاثَةِ فُصُولٍ رَئِيسَة، قَدَّمَ التَّمْهِيدُ إِنارَةً عَلى المَعانِي اللُّغَوِيَّةِ والاصْطِلاحِيَّةِ لِعِبارَةِ "نُقُوشِ الخَواتِم"، وحَمَلَ كُلُّ فَصْلٍ مِنْ تِلْكَ الفُصُولِ جُمْلَةً مِنَ المَباحِث. أَمّا الفَصْلُ الأَوَّل، فَقَدِ اسْتَكْشَفَ كِتاباتِ القُدامى والمُعاصِرِينَ التِي تَناوَلَتْ نُقُوشَ الخَواتِمِ الإِسْلامِيَّة. وحَمَلَ الفَصْلُ الثّانِي صُورَةً عَنْ تارِيخِ الخَواتِمِ ونُقُوشِها فِي الحَضاراتِ الأُخْرى، وفِي الحَضارَةِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّة. واخْتَصَّ الفَصْلُ الثّالِثُ بِقَراءَةِ مَضامِينِ نُقُوشِ الخَواتِمِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ ومَلامِـحِها ودَلالاتِها ومَرامِيها وسِماتِها الفَنِّيَّةِ وخَصائِصِها الأُسْلُوبِيَّة

وجَمَعَ البابُ الثّانِي الباقِياتِ مِنْ نُقُوشِ الخَواتِمِ العَرَبِيَّةِ في أَعْصُرِها الزّاهِرَة، وجاءَ فِي خَمْسَةِ فُصُول: أَمّا الفَصْلُ الأَوَّل- وهُوَ أَوْسَعُ فُصُولِ البابِ وأَهَمُّها- فَقَدِ اسْتَوْعَبَ نُقُوشَ خَواتِمِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ- صَلّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- وخُلَفاءِ الإِسْلام، إِلى انْقِضاءِ الدَّوْلَةِ العَبّاسِيَّة. وأَمّا الفَصْلُ الثّانِي، فَقَدْ ضَمَّ نُقُوشَ خَواتِمِ الصَّحابَةِ والتّابِعِين. وأَمّا الفَصْلُ الثّالِث، فَتَعَقَّبَ ما بَقِيَ مِنْ نُقُوشِ خَواتِمِ أَرْبابِ السُّلْطَةِ السِّياسِيَّة، مِنْ مُلُوكٍ وأُمَراءَ وسَلاطِينَ ووزَراءَ وقادَةٍ وولاةٍ وغَيرِهِم. وأَمّا الفَصْلُ الرّابِع، فَعُنِي بِنُقُوشِ خَواتِمِ أَهْلِ العِلْمِ والأَدَب، مِنْ أَئِمَّةٍ وعُلَماءَ وفُقَهاءَ وقُضاةٍ وزُهّادٍ وكُتّابٍ وشُعَراء. واكْتَمَلَتْ المُدَوَّنَةُ بِالفَصْلِ الخامِسِ الذِي ضَمَّ أَشْتاتَ نُقُوشٍ مُتَفَرِّقَة، لَمْ تَدُلّ المَصادِرُ عَلى أَصْحابِها.    

          وقد تَوَصَّلَتْ دِراسَةُ الدُّرُوبيّ القَيِّمَةُ إِلى تَسْجِيلِ النَّتائِجِ الآتِية:

أَوَّلاً: تُعَدُّ ظاهِرَةُ التَّخَتُّمِ مِنَ الظَّواهِرِ الاجْتِماعِيَّةِ المُوْغِلَةِ فِي القِدَم؛ فَقَدْ شاعَ لُبْسُ الخَواتِمِ فِي أَصابِعِ اليَدَينِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الأُمَمِ والشُّعُوبِ القَدِيمَة، وعَرَفَتِ الحَضاراتُ البائِدَةُ هَذا السُّلُوكَ الاجْتِماعِيَّ الذِي مارَسَتْهُ الخاصَّةُ والعامَّةُ عَلى السَّواء. ومالَ الإِنْسانُ فِي مَراحِلَ لاحِقَةٍ إِلى الحَفْرِ عَلى مُتُونِ تِلْكَ الخَواتِمِ وفُصُوصِها، وتَحْلِيَتِها بِالعِباراتِ الشِّعارِيَّةِ المُعَبِّرَة.

ثانِياً: كانَتِ الخَواتِمُ- وما تَزالُ إِلى اليَوْمِ- مِنْ أَكْثَرِ الحَلْي نُفُوذاً وانْتِشاراً؛ لِسُهُولَةِ لُبْسِها وخَلْعِها، ووقُوعِها أَمامَ ناظِرِ المَرْء، كَما أَنَّها أَهَمُّ الحَلْي التِي كَتَبَ عَلَيها الإِنْسانُ- مِنْذُ القَدِيمِ- ما يَحْلُو لَهُ مِنَ العِباراتِ المُرَكَّزَةِ العامِرَةِ بِالمَعانِي.

ثالِثاً: عَرَفَ العَرَبُ ظاهِرَةَ التَّخَتُّمِ قَبْلَ الإِسْلام، وانْتَشَرَتْ بَينَ فِئاتٍ مِنَ المُجْتَمَع، واتَّخَذُوها لِغاياتٍ سِياسِيَّةٍ واجْتِماعِيَّةٍ وشَخْصِيَّة. ونَمَتْ هَذِهِ الظّاهِرَةُ نُمُّواً واسِعاً مَعَ مَجِيءِ الإِسْلام، بَعْدَ أَنِ اتَّخَذَ رَسُولُ اللهِ- عَلَيهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- الخاتَمَ الشَّرِيف، فاسِتَنَّ بِهِ النّاس، وتَجَذَّرَ هَذا السَّنَن، وأَمْسَتْ لَهُ دَلالاتُهُ السِّياسِيَّةُ والدِّينِيَّةُ والاجْتِماعِيَّة، وصارَ الخاتَمُ رَمْزاً مِنْ رُمُوزِ الخِلافَة، وشارَةً مِنْ شاراتِ الحُكْمِ عِنْدَ المُسْلِمِين.

رابِعاً: نَظَراً لِارْتِباطِ الخَواتِمِ بِالغاياتِ السِّياسِيَّةِ والإِدارِيَّة، عُدَّتْ فِئَةُ رِجالِ الحُكْمِ وأَرْبابِ السِّياسَةِ فِي التّارِيخِ الإِسْلامِيِّ أَكْثَرَ الفِئاتِ اعْتِناءً بِالخَواتِمِ والنَّقْشِ عَلَيها.

خامِساً: لَمْ يَقْتَصِرْ اتِّخاذُ الخَواتِمِ- المَلْبُوسَةِ والمَحْمُولَةِ- عَلى فِئَةِ الخُلَفاءِ والسَّلاطِينَ والمُلُوكِ فِي الحَضارَةِ الإِسْلامِيَّة، وإِنَّما انْتَشَرَتْ ظاهِرَةُ التَّخَتُّمِ بَينَ عُمُومِ الفِئاتِ الاجْتِماعِيَّة.

سادِساً: مالَتْ كَثِيرٌ مِنَ الفِئاتِ التِي اتَّخَذَتِ الخَواتِمَ إِلى نَقْشِ العِباراتِ المُوجَزَةِ المُرَكَّزَةِ عَلَيها، وانْتَشَرَتْ ظاهِرَةُ الحَفْرِ والكِتابَةِ انْتِشاراً واسِعاً عِنْدَ العَرَبِ والمُسْلِمِين، وشاعَتْ مِهْنَةُ الحَفّارِينَ والنَّقّاشِينَ عَلى الخَواتِمِ فِي المُدُنِ الكَبِيرَة. وأَمْسَتْ تِلْكَ النُّقُوشُ عَلاماتٍ عَلى حامِلِيها، تُفْصِحُ عَنْ أَسْمائِهِم وأَلْقابِهِم وكُناهُم تارَةً، وتَحْمِلُ شِعاراتِهِم وصَفْوةَ فَلْسَفاتِ حَيَواتِهم تارَةً أُخْرى.

سابِعاً: لَفَتَتْ ظاهِرَةُ انْتِشارِ الخَواتِمِ ونُقُوشِها فِي الحَضارَةِ الإِسْلامِيَّةِ أَنْظارَ المُؤَلِّفِينَ القُدامى والدّارِسِينَ المُعاصِرِين، فأَلَّفُوا كُتُباً ورَسائِلَ قائِمَةً بِرأْسِها فِي جَوانِبَ مِنَ المَوْضُوع.

ثامِناً: تَلَوَّنَتْ مَضامِينُ العِباراتِ المَنْقُوشَةِ عَلى الخَواتِمِ تَلَوُّناً واضِحاً، فَقَدْ حَمَلَتْ ما هُوَ دِينِيٌّ وسِياسِيٌّ واجْتِماعِيٌّ وتَهْذِيبِيٌّ وتَرْبَوِيٌّ وشَخْصِيّ. وقَدْ أَمْكَنَ النَّظْرُ فِي فَضاءِ تِلْكَ النُّقُوشِ مِنْ تَحْلِيلِ مَلامِحِ شَخْصِيّاتِ حامِلِيها، ومَعْرِفَةِ تَوَجُّهاتِهِم الفِكْرِيَّة، وتَبَيُّنِ خُلاصَةِ أَفْكارِهِم وأَنْظارِهِم ورُؤاهُم فِي الحَياة.

تاسِعاً: يُمْكِنُ لِلمُتأمِّلِ أَنْ يَتَلَمَّسَ جَوانِبَ مِنَ المَعارِفِ المُتَعَلِّقَةِ بِالحَياةِ السِّياسِيَّةِ والاجْتِماعِيَّةِ والثَّقافِيَّةِ والدِّينِيَّةِ والتَّرْبَوِيَّةِ فِي الحَضارَةِ الإِسْلامِيَّة، فِي ضَوْءِ ما تَحْمِلُهُ تِلْكَ العِباراتُ الشِّعارِيَّةُ المَنْقُوشَةُ التِي كانَتْ تُتَخَيَّرُ بِعَنايَةٍ فائِقَة؛ إِذْ تُشَكِّلُ تِلْكَ العِباراتُ- رُغْمَ إِيِّجازِها الشَّدِيدِ- مادَّةً لِقَراءَةِ المُجْتَمَعِ الإِسْلامِيِّ فِي بَعْضِ مَساراتِه، ويُمْكِنُ لِلنّاظِرِ أَنْ يَتَعَرَّفَ مِنْ تِلْكَ الكِتاباتِ إِلى بَعْضِ القَضايا التِي كانَتْ تَشْغَلُ النّاس، وتَسْتَولِي عَلى أَفْكارِهِم.

عاشَراً: ظَهَرَ واضِحاً مِنْ نُقُوشِ الخَواتِمِ أَنَّهُ كانَ يَتَنازَعُها تَيّارا: التَّعَدُّدِ والتَّوَحُّد؛ فَقَدْ نَجِدُ عَدَداً مِنَ النُّقُوشِ العائِدَةِ إِلى الشَّخْصِ نَفْسِه، وقَدْ يَقْتَصِرُ كَثِيرٌ مِنَ الأَشْخاصِ عَلى نَقْشٍ شِعارِيٍّ واحِد، مُؤْثِرِينَ التَّوَحُّدَ عَلى التَّعَدُّد.

حادِيَ عَشَر: تَبَيَّنَ لِلدّارِسِ تَشابَهُ طائِفَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ العِباراتِ التِي كانَتْ تُنْقَشُ عَلى الخَواتِمِ عِنْدَ العَرَبِ والمُسْلِمِين، بَلْ تَطابَقُها فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيان. وقَدْ أَمْكَنَ تَفْسِيرُ هَذا المَلْمَحِ إِمّا بِالتَّوارُدِ أَو التَّوارُثِ أَو المُحاكاة.

ثانِيَ عَشَر: تَمَيَّزَتِ النُّقُوشُ المَرْقُونَةُ عَلى الخَواتِمِ بِعَدَدٍ مِنَ الخَصائِصِ الأُسْلُوبِيَّة، أَهَمُّها الإِيجازُ الذِي يُعَدُّ مَلاكَ النُّقُوشِ وسِمَتَها الفارِقَةَ بِحَقّ؛ وهَذا عائِدٌ إِلى مِساحَةِ الفَصِّ المَحْدُودَة؛ إِذْ لا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ إِلّا بِضْعَ كَلِمات، ولِذا كانَ عَلى صاحِبِ النَّقْشِ أَنْ يَصْطَفِي عِبارَتَهُ بِدِقَّةٍ عالِيَة، وأَنْ يُحَمِّلَ نَقْشَهُ أَعْمَقَ المَعانِي المُمْكِنَةِ بِأَقَلِّ الأَلْفاظِ المُتاحَة، وهُوَ ما يُحَقِّقُ فِكْرَةَ الاقْتِصادِ اللُّغَوِيِّ فِي أَجْلى صُوَرِها العَمَلِيَّة.

ثالِثَ عَشَر: رُغْمَ تَوَحُّدِ طَوابِعِ النُّقُوشِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَعانِيها ومَبانِيها، ومَضامِينِها وأَسالِيبها، يُلاحِظُ الدّارِسُ أَنَّ نُقُوشَ كُلِّ فِئَةٍ مِنَ الفِئاتِ كانَتْ تَحْتَذِي سَمْتاً خاصّاً بِها يُمَيِّزُها- فِي الغالِبِ- عَنْ غَيرِها مِنْ نُقُوشِ الفِئاتِ الأُخْرى.

رابِعَ عَشَر: اسْتَطاعَتِ المُدَوَّنَةُ التَّوْثِيقِيَّةُ أَنْ تَسْتَوْعِبَ ما يَرْبُو عَلى سَبْعِمِئَةِ نَقْشٍ مِنْ نُقُوشِ الخَواتِمِ الإِسْلامِيَّةِ العائِدَةِ إِلى شَخْصِيّاتٍ تارِيخِيَّةٍ مَشْهُورَة، أَو شَخْصِيّاتٍ أَقَلَّ شُهْرَةً، أَو شَخْصِيّاتٍ مَغْمُورَةٍ أَو مَجْهُولَة. وهُوَ عَدَدٌ يَشِي بِحُضُورِ ظاهِرَةِ التَّخَتُّمِ عِنْدَ المُسْلِمِينَ عَلى نِطاقٍ واسِع.

خامِسَ عَشَر: مِمّا يُؤْسَفُ عَلَيهِ أَنَّ سَوادَ الخَواتِمِ العَرَبِيَّةِ الإِسْلامِيَّةِ التِي أَمْكَنَ جَمْعُ نُقُوشِها وتَوْثِيقِها ودِراسَتِها فِي هَذا العَمَل، سَلَكَ سَبِيلَ الضَّياع؛ وبَقِيَتِ العِباراتُ المَنْقُوشَةُ التِي سَجَّلَها المُصَنِّفُونَ فِي آثارِهِم، وحَكَمَ الزَّمانُ بِضَياعِ الخَواتِمِ نَفْسِها التِي كانَتْ حُفِرَتْ عَلَيها تِلْكَ العِبارات.