نيروز الإخبارية : ناقش برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الأردني، أمس الاثنين، تداعيات وتفاصيل الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، والذي ينص على عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، واعتباره مخالفا للقانون الدولي.
ووصف المدير التنفيذي للصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، الدكتور وصفي كيلاني، القرار بـ "التاريخي"، لأنها المرة الأولى التي يصدر فيها رأي استشاري لمحكمة العدل الدولية، يدعو لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ويصفه بأنه "باطل"، وأن إسرائيل ملزمة بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية، خصوصا وأن هذا القرار صدر في لحظة طال انتظارها منذ عقود من الزمن.
واعتبر الكيلاني أن وصول القضية الفلسطينية إلى محكمة العدل الدولية، بصفتها الذراع القانوني الأكبر والأهم للأمم المتحدة أمر في غاية الأهمية.
وأوضح أن هناك فرقا ما بين الحكم الصادر عن المحكمة والرأي الاستشاري، حيث أن الجمعية العامة للأمم المتحدة طلبت رأيا استشاريا من العدل الدولية، وأن هذا الرأي عادة ما يكون أوسع وأشمل، كما أنه يتضمن بنودا كثيرة، ولا يشتمل على "حكما قطعيا على بند محدد".
وأضاف أن هذا الرأي له قيمة قانونية في مأسسة ونصرة المظلمة الفلسطينية عبر الزمن، كما أن إسرائيل نفسها أصبحت ملزمة بإخلاء الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ووقف جميع النشاطات التابعة لهذا الاحتلال كالاستيطان، وتعويض الفلسطينيين الذين تم هدم بيوتهم، وإعادة تمكينهم على أرضهم ومصادرهم الطبيعية.
وأشار إلى أن ما جاء بالرأي الاستشاري هو أن جميع دول الأمم المتحدة ملزمة بعدم الاعتراف بأي وضع قانوني للوجود الاحتلالي، والإجراءات غير القانونية الناجمة عن "احتلال وممارسات احتلالية غير قانونية"، ما يعني أن أي دولة تتعامل مع هذا الاحتلال والمستوطنات تعد مخالفة للقانون الدولي وخارقة له، مثلها مثل الاحتلال، إضافة إلى أن أي دولة تقدم مساعدة للاحتلال تتعلق بالأرض المحتلة، سواء كانت هذه المساعدات اقتصادية او أكاديمية أو سياسية، كأن تبرم اتفاقيات مع جامعات ومستوطنات تابعة للاحتلال في هذه الأراضي تعتبر مخالفة للقانون الدولي، مع إمكانية رفع قضية ضد هذه الدولة.
وقال الكيلاني إن دولة فلسطين بدأت بتحضير هذا الملف بشكل جدي منذ عام 2011، بعد الاعتراف بفلسطين عضوا باليونسكو ومن ثم عضوا غير دائم في الأمم المتحدة، لافتا إلى أن ما حدث جاء حصيلة 50 عاما من تجميع الأدلة والملفات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، إضافة لجهود 20 عاما في الأردن أسفرت عن تجميع ملف مكون من 4500 صفحة تم تقديمه لمحكمة العدل الدولية، فيما اختارت إسرائيل - كعادتها في المحافل الدولية - الغياب عن المرافعات، واكتفت مع معاونيها بتقديم حجج واهية على "خجل".
وحول رد الاحتلال على هذا الرأي، أوضح أن حكومة الاحتلال حاولت في البداية الدفع بعدم اختصاص المحكمة بهذه القضية، الا ان رد المحكة جاء بالرفض بدليل ان القضية الفلسطينية موجودة على طاولة الأمم المتحدة منذ بدء الاحتلال، ومن ثم ذهبت إسرائيل وداعموها إلى الجانبين التاريخي لانه "مطاط" وواسع، والديني لأنه جدلي ويمكن التلاعب به.
بدوره، أكد مساعد وزير خارجية دولة فلسطين، عمار حجازي، أن هذا القرار يجسد المعنى القانوني لكل ما نادى به المدافعون عن القضية الفلسطينية على المستوى الدولي، وفي إطار ما تم تشريعه على مدار سنوات عديدة في الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن القرار أضاف "قوة القانون" إلى الحقوق الفلسطينية ضمن سياق النضال الفلسطيني، حيث أقر بعدم شرعية الاحتلال ودعا إلى إنهائه ومحو كل ما نتج عنه من آثار، كما دعا العالم للعمل على تعويض الشعب الفلسطيني عن جميع الأضرار التي لحقت به جراء هذا الاحتلال.
وأوضح حجازي أن المحكمة أشارت إلى أن ضم القدس للاحتلال هو مسألة غير شرعية، ولا يمكن لأي دولة الاعتراف بذلك، ما يفتح المجال أمام القضاء الدولي لمحاسبة أي دولة تخالف هذا الموقف، لافتا إلى أن ذلك يؤطر لعلاقة سياسية مختلفة عن السابق، ويقر بأن "النسبية والحقائق الموجودة على الأرض" أصبحت الآن بنظر المحكمة والقانون الدولي غير شرعية وغير مقبولة.
وعن الخطوات القادمة، قال حجازي إن أولى هذه الخطوات ستكون عودة الرأي الاستشاري إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وإقراره من قبلها، ليصبح وثيقة ملزمة في إطار عمل الأمم المتحدة، كما أن هناك مطالبة لمجلس الأمن بملاحظة هذه الفتوى القانونية والتعامل معها، ووضع الأطر اللازمة لتنفيذها، إضافة لمسؤوليات الدول تجاه القانون الدولي والإنساني وغيرها من الأمور، بما فيها كل ما يتعلق باستغلال الموارد الطبيعية، ودارسة الإجراءات القانونية التي يمكن تفعيلها تجاه الدول التي لا تلتزم بهذا القرار.
وشدد على ضرورة دراسة هذه المسائل مع الشركاء، وعلى رأسهم الأردن ودول الجوار والمجوعة العربية والإسلامية.