2025-12-23 - الثلاثاء
فريق الوحدات يلتقي الوصل الإماراتي بدوري أبطال آسيا 2 غدا nayrouz إسبانيول يقلب الطاولة على بلباو ويعود بفوز قاتل 2-1 nayrouz الصفدي يلتقي اليوم نائب رئيس الوزراء الفلسطيني nayrouz اليرموك من أفضل 5% من الجامعات على المستوى العربي nayrouz الجيش الأمريكي: قتلنا مهرب مخدرات باستهداف قارب في المحيط الهادئ nayrouz انخفاض أسعار النفط عالميًا بفعل التوترات nayrouz صناعة الروبوتات في الصين تضاعف إيراداتها خلال خمس سنوات...صور nayrouz الحكومة السودانية تطرح وقفا شاملا لإطلاق النار تحت رقابة دولية وإقليمية nayrouz عودة الهدوء بحلب بعد اشتباكات بين الجيش السوري و”قسد” nayrouz واشنطن تبحث عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة nayrouz مجلس الأمن يناقش الوضع في السودان nayrouz إصابة 3 فلسطينيين برصاص مستوطنين اسرائيليين شرق القدس nayrouz عباس: ضرورة الضغط على إسرائيل .. والتنفيذ العاجل لخطة ترامب nayrouz صلاح ومرموش يردّان على مدرب زيمبابوي بهدفين في شباكه nayrouz وظائف شاغرة ومدعوون للتعيين في القطاع العام (أسماء) nayrouz وفاة مؤذن المسجد النبوي الشيخ فيصل النعمان nayrouz الحكومة تعرض مؤشرات التحول الرقمي في الأردن nayrouz 5 قتلى بحادث تحطم طائرة عسكرية مكسيكية في الولايات المتحدة nayrouz الحباشنة يكتب الطرق تغرق… والإدارة غائبة: من يُحاسب المقصّرين؟ nayrouz الواقع البيئي والزراعي وملف طلبة الجامعات على طاولات النواب الثلاثاء nayrouz
وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 23-12-2025 nayrouz الخريشا تشكر الملك وولي العهد على تعازيهم بوفاة المهندس راشد بدر الخريشا nayrouz شكر على تعاز nayrouz وفاة الحاجة عطفة محمد البشير الغزاوي (( ام ايمن )) nayrouz تعزية لرئيس لجنة بلدية حوض الديسة بالإنابة بوفاة عمه هارون الزوايدة nayrouz لفتة وفاء وأخوة.. متقاعدو الإعلام العسكري يعزّون بوفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 22-12-2025 nayrouz الحاج سليمان حسين النعيمات في ذمة الله nayrouz في وداع قامة وطنية… الشيخ سيف الدين عبيدات سيرة عطاء لا تغيب nayrouz بني صخر تشيّع جثمان الشيخ محمد نايف حديثة الخريشا (أبو زيد) في لواء الموقر...فيديو nayrouz وفاة الشاب عامر سعود الناصر الخضير nayrouz الحاج عوده الله السمارت في ذمة الله nayrouz في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الحاج يوسف شحادة nayrouz وفاة الشيخ محمد نايف حديثه الخريشا nayrouz وفيات الأردن اليوم الأحد 21-12-2025 nayrouz رحيل الشاب الفاضل راشد بدر عودة الخريشا: فقدنا مثالًا للأخلاق والنشاط والحيوية nayrouz محمد رداد المعزي الجبور" ابو ثامر" في ذمة الله nayrouz وفاة الشاب راشد بدر عوده الخريشا nayrouz وفيات الأردن اليوم السبت 20-12-2025 nayrouz وداع يليق بمكانته… العبيدات يشيّعون أحد أعمدتهم الاجتماعية " الشيخ سيف الدين عبيدات nayrouz

حَــكَــايـــا فِـــنــجـــان قَـــهــوَتـــي (4)

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

نَـــظَــرِيَّــــة الاهـــتِـــمَــام


بِقَلَم :
د.محمد يوسف أبو عمارة

يَومٌ جَديد أَعلَنَت شَمسَهُ بِدءَ ساعاتِه .. كُلّ ثَانِيَة فيه تُناديك وَتَقول لَك عَلَيكَ استِغلالي لأنّني سَأَذهَب إلى طَريق اللّاعَودة ولَن أَعودَ ثانِية .. فالذَّكي مَن يَقطَع الوَقت .. لا مَن يَقطَعهُ الوَقت .. 
  
قدتُ سَيّارَتي بِحُبّ وَتَوَجَّهتُ إلى مَكان عَمَلي الذّي أُحِبّ حَيثُ أَنتَظِرُ أَن أَرى أَبا سُلطان حارِس المَدرَسَة يَقول لِي : نَوَّرتَ المَدرَسَة دكتور ماشاءَالله عَنَّك اليوم حَليان .. 
كَم أَستَمتِع وأَسعَدُ بِهذه العِبارات مَع أَنَّهُ يُكَرّرُها يَومِيًّا دونَ تَغيير ولكنّني وفي كُلّ مَرَّة أُحِسُّ بأَنّي أَسمعها لِأَوَّل مَرَّة !
وأُبادِله عِبارات الإطراء والتَّغزُّل في لَون بَشرَتِه السَّمراء الجَميلة .. 
ذَهَبتُ مُسرِعاً نَحوَ مَكتَبي وأَنا أُلقي التَّحِيَّة الصَّباحِيَّة هُنا وهُناك عَلى مَن سَبَقَني مِنَ المُوَظَّفين لِلعَمَل ، وكَم أَكونُ سَعيداً حِينَمَا أَكونُ أَوَّل الواصِلين.. 
   
وبِمُجَرَّد وُصولي لِمَكتَبي تُسارِعُ مَسؤولَة الكافَتيريا بإحضارِ فِنجاني .. صَديقي فِنجانَ القَهوَةِ الذي تُقَدّمه لِي وأَنا أُحِسُّ بأَنَّهُ يُلقي عَليّ تَحِيَّةَ الصَّباح .. قائلاً : الآن أَشرَقت شَمسي..
نَظَرتُ لِفِنجان القَهوَةِ .. وَجهُهُ اليَوم غَير مُكتَمِل يَحوي بَعض الفَراغات .. وأَنا أُحِبُّ أَن يَكونَ مُكتَمِلاً تَماماً كالبَدر .. وَفي كَثير مِنَ الأَحيان أَطلُبُ مِن صانِعَة القَهوَة تَغييره إن كانَ كذلك . وإِحضار فِنجان آخر ذي وَجه مُكتَمِل ، ولكنَّني في هذه المَرَّة لَم أَفعَل ذلك بَل نَظَرتُ إِليه لِأَرى تِلكَ الرُّسومات المُتَشَكّلة والتي عادَة ما تَتَكَوَّن بَعدَ الرَّشفة الأُولى .. 
 
تأَمَّلتُ فيها مليًّا .. لَم أَستَطِع تَأويل ما تَرمي إليه فَقُمتُ بِهَزّ الفِنجان وتَركِ المَجال لتِلكَ الأَشكال بالتَّغَيُّر وبالفِعل تحَرَّك السَّطح مُشكّلاً شَيئاً عَشوائيًّا أَشبَهُ ما يَكون بِخَربشاتِ طِفلٍ أَو بِلَوحة مِن لَوحاتِ الفَن العَميق الذي لا أَفهَمُه !

 نَظَرتُ بِتَمَعُّن مُحاوِلاً تَفسير تِلكَ الخُطوط .. وبَدَأتُ بِمُحاوَلة قِراءة الرّسالة التي يُحاوِلُ أَن يُخاطِبَني بِها فِنجانُ القَهوَة الخاص بي .. 
يا تَرى ماذا يُريد أَن يَبوحَ لي في هذا اليَوم ؟! .. وللمَرَّة الثانية لَم أُدرِك .. ولَم تَصِلني رِسالتُه .. !! 
فَقُمتُ بِهَزّ الفِنجان مَرَّةً ثانِية وتَركتُ المَجال لتِلكَ الرُّسومات بالتَّشَكُّل مِن جَديد .. 
ورُبَّما عَبثاً وَصَلتُ لِفِكرَة مُهِمَّة .. 
وهِيَ أَنَّه لا يَجِب أَن يُدرِك أَي فَرد مِنّا كُلّ شيء فَنَحنُ بَشَر مَحدودي القُدرات والاهتمامات فَكُلّ مِنّا يَبحثُ عَن الجانِب الذي يَهُمُّه في الأَشياء التي يَراها أَو يَبحَث عَنها ..

فَمَثلاً عِندَما تَشتري سَيّارة مِنَ نَوع جَديد سَتَجِدُ أَنَّكَ باللّاشعور سَوفَ تَرى كُل ذَواتِ صِنفِها في الشّارِع مَع أَنَّكَ لَم تَكُن تَنتَبِه لذلك سابِقاً ، وعِندَما تَبحَثُ عَن شيء مُعَيَّن سَتَجِد أَنَّ كُل تَركيزك ينصب عَليه فَقَط فَتُمَيّزه مِن بَينِ مِئات المُتغيّرات مَع أَنّه سابِقاً لَم يَكُن يُلفِت انتباهَك وهُوَ الآن لا يُلفِت انتباه مَن هُم مَعك ؟! 

فَنَظَرِيَّةُ الاهتمام هي المعلل لتفسيرنا للظاهِر والمُتَغيّرات ...

وأثناء تِلكَ العاصِفة التي تَدور في فِكري دونَ أَن أَشرَب مِن فِنجان قَهوَتي ولا مَرَّة كانَ صَوت فيروز يُدَندِنُ مِن بَعيد لِأَراني أُرَكّز فَجأَةً في صوتِها الذي يَقول ...  

رقص وضحك وسهرية عيد.. 
وكلّ صحابي حواليّي ..
وعم فتّش أنا على حبّ جديد .. والناس عيونا عليّي
بتطلّ بيوقع منّي الكاس
وحدي اللي بشوفك من هالناس ..
من بين الكلّ بتسرقني ..
وبتلج الماضي بتحرقني ..

دَوماً .. يا فَيروز تُجيبي عَلى أَسئِلَتي .. 
" بتطلّ بيوقَع منّي الكاس .. وَحدي اللّي بشوفَك مِن هالنّاس "
بِرُغم الأَصدقاء المُحيطونَ بي ، إلّا أَنّني أَنا الوَحيدة التي لاحظتُ قدومك في حين أنّ دخولك للمَكان لَم يُلفِت أَيّ شَخص آخر .. ولشِدّة اهتمامي بِك فَقَد وَقعَ الكأس مِن يَدي .. دونَ أَن يَنتَبِه الآخرون لَك أَو لسبب سُقوط ذلك الكَأس .. 
 
فَهِيَ نَظريَّة الاهتمام إذاً ...

اقتَرَبتُ مِن فِنجاني ورَشَفتُ رَشفَةَ قَهوة كانَت أَقرَبَ لِلقُبلَة .. وتَرَكتُ المَجال لتِلكَ الرُّسومات بالدّوران والتَّشَكُّل وكُنتُ أَظُنّ أَنَّني لَو أُجري تَجرُبَتي اليَوميَّة عَلى مَجموعَة مِن الأَشخاص لَفَسَّر كُلّ مِنهُم تِلكَ الرُّسومات بِشَكل يَختَلِف تَماماً عَمَّا فَسّرتُه أَنا ، لأَنّ كُلّ شَخص يُفَسّر حَسَب اهتماماتُه وتَوَقُّعاته وَوِجهَةَ نَظَرِه .. 

لِذلك فالحقيقة لَيسَت مُطلَقَة والآراء جَميعُها تَحمِلُ الصَّواب والخَطَأ ما دامَت تَنطَلِقُ مِنَ المَشاعِر .. ولذلكَ فإنَّ القاتِل .. والمَقتول كِلاهُما يَشعُرُ أَنّه هُوَ المَظلوم وأنَّه هُوَ صاحِب الحَقّ ! وكذلكَ الجاني والمَجني عَليه !
    
تَمَعّنتُ بِفنجانِ القَهوة لِأَجِد أَنَّ هُناك خَطًّا قَسَّمَهُ لِنِصفَين شِبه مُتساوِيَين ويكأَنَّهُ يُخبِرُني أَنّ لِكُل ظاهِر باطِن – ورُبَّما يَكونُ الباطِن عَكسَ الظّاهِر – لذلكَ لا تَتَعَمَّق كَثيراً إن كُنتَ تَبحَث عَن السَّعادة فالتَّعَمُّق كَثيراً يَجعَلُكَ تعرف ما لا يَسُرُّك وما يَشغَل بالَك .. 

فالقَمَر ولشِدَّة جَمالِه نَصِفُ بِه الجَميلات فَنَقول عِندَما نَرى فَتاة جَميلة : أَنتِ كالقَمَر .. 

ولكنّ عِندَما اقتربنا مِنه وصَعد الإِنسان لِسَطحِه وَجَده أَشبَه بالأرض القاحِلَة الجَرداء التّي لا حَياةَ بِها .. وهِيَ بَعيدَة كُلَّ البُعد عَن أَي سِمة مِنَ الجَمال ! 

وكذلكَ بَعضُ الأَشخاص كُلَّما عاملتَهُم بِشَكلٍ سَطحي .. كُنتَ مِن أَشدّ المُعجَبينَ بِهِم ولكنّ إِذا ما تَعَمَّقتَ بِهم سَتَجِدُ ما لا يَسُرُّكَ بَل ورُبَّما ما يُغَيّر فِكرَتَك عَنهُم .. لذلك قيلَ سابِقاً .. 
" أَن تَسمَع بالمعيديّ .. خَيرٌ مِن أَن تَراه " 
 
رَشَفتُ رَشفَةً أُخرى لِتَندَمِج الخُطوط و يعتمر السَّطح ويَبدو كَوجه غاضِب ما لَبِثَ أَن تَحَرَّك وتَناثَر وتَبَعثَر واقتَرَب مِن أَطرافِ الفِنجان وَجه غاضِب .. ماذا يَعني ؟! 

رُبَّما قَصَد بذلك أَن لا شَخص يُحِبّ أَن يَنتَقِده حَتّى وَلَو كانَ مُخطِئاً .. وحَتّى لَو أَظهَرَ عَكسَ ذلك .. لِذا إِن أَرَدتَ أَن تُوَجّه النُّصح لِأَي شَخص فَحاوِل أَن تُوَجّهُه بِطَريقَة ناعِمة وبأَلفاظ لا تُؤذيه ، فَما الانسان إلّا كُتلة مِنَ مَشاعِر تَكسوها العِظام .. فَألَم المَشاعِر أَشَدُّ مِن أَلَم الجَسَد .. 

رَشَفتُ رَشفَةً أُخرى لِأَرى أَنّ سَطح الفِنجان كادَ بِلا أَيّ رُسومات صافِياً إِلا أَنَّهُ فَتَحرَّك بِذَبذَبات بَسيطة ظاهِرُها الهُدوء إِلا أَنّ أَي حَرَكة بَسيطة قَد تَجعَل مِن ذلكَ السّطح هائجاً كالعاصِفة وكذلكَ البَشَر فَقَد يَبدو عَلى بَعضِهم الهُدوء .. والسَّكينة إلا أَنَّهُ وفي لَحظة ما قَد يثور ويَنفَجِر كالبُركان ..
  
وهُنا تَخَيّلتُ لَو أَنّي أَجِدُ المَسؤولين الذين اعتادوا على الشّعب الرّاضي الذي لا يَعتَرِض .. أو لا يَخشونَ مِن تِلكَ اللّحظَةِ التي يَنفَجِرُ فيها ؟! كَسطحِ الماء الهادِئ في ظاهرِه والذي يَحمِلُ بُركانًا في داخِلِه !! 

 لا أَدري لِماذا أعطاني فِنجانَ القَهوة اليَوم درساً في التَّعامُل مَع الآخرين .. بَل هَذّبني وأدّبني وجَعَلَني أُعيدُ حِساباتي كَثيراً فيما أُرَكّزُ عَليه .. وفيما أُهمِلُه وبِرُدودِ فِعلي مَع الآخرين .. 

صَمتُّ قَليلاً لأُرخي سَمَعي لِصَوتِ فَيروز التي كانَت تُعيد ... 

من عزّ النوم بتسرقني ..
بهرب لبعيد بتسبقني ..
يا حبّي صرت بآخر أرض .. 
عم إمشي وتمشي فيّي الأرض .. 
لَوَينك بعدك لاحقني .. 

رُبَّما ما يَسرقُكَ مِن نَومِك لَيسَ الحَبيب ، رُبَّما فِكرَة .. رُبَّما حُلم .. رُبَّما وَطَن مَسلوب ...
يُطارِدُكَ في كُلّ الأَماكِن .. ويُسَيطِر عَلى تَفكيرَك ولكن ..
لَو كانَ هُوَ المَحبوب الذي يَسرِقُني مِن عِزّ النَّوم .. فَلَهُ الحَقّ في ذلك .. قُلتُ ذلك في نفسي وأَنا أَحمِلُ فِنجانَ القَهوَة وأَبتَسِم ..

نَظَرتُ نَحوَ فِنجاني الذي ظَنَنتُ أَنَّهُ ابتَسَم حينَما حَدَّثتُ نَفسي عَن المَحبوب وأَحسَستُ بأَنَّهُ يَغمزني بِنَفسِ غَمزَة ( سَميرة تَوفيق ) 

وشَعَرتُ بأَنَّه أَخَذ دَوري اليَوم وردَّد مَع فَيروز 

عم إمشي وتمشي فيّي الأرض .. 
لَوَينك بعدك لاحقني .. !