في لحظات معينة من الحياة، قد تجد نفسك في حالة من الفراغ العميق. من الخارج، تبدو هادئًا وربما مطمئنًا، لكن في داخلك، هناك ضجيج لا يتوقف، صراع داخلي لا يُرى ولا يُسمع، ولكنه يستهلك كل جزء منك. هذا الشعور قد يكون الأكثر تناقضًا وإرباكًا في حياتك؛ أن تكون محاطًا بالهدوء بينما يغلي داخلك بكل ما يحتويه العالم من هموم وأفكار.
هذا الضجيج الداخلي هو صدى لكل ما تمر به، كل ما تحاول فهمه أو تجاوزه. ربما هو نتيجة قرارات لم تتخذها بعد، أو مخاوف لم تتمكن من مواجهتها، أو حتى أحلام متضاربة تعتمل في ذهنك. إنه تراكم لكل ما لم يُقال، وما لم يُفعل، وما لم يُحسم بعد.
يمكن أن يكون هذا الضجيج محركًا قويًا يدفعك نحو التغيير، لكنه قد يكون أيضًا مصدرًا للتوتر والقلق إذا لم تجد طريقة للتعامل معه. الهدوء الخارجي الذي تعيشه يمكن أن يكون محاولة للهرب من هذا الضجيج، ولكن الحقيقة أنه لا يمكن الهرب من شيء يسكن داخلك.
ربما الحل يكمن في مواجهة هذا الضجيج بدلًا من الهروب منه. مواجهة الذات، مواجهة الأفكار والمشاعر، والتعمق في فهمها هو الخطوة الأولى نحو السلام الداخلي. فالمواجهة تجعلك تدرك أن هذا الضجيج ليس عدواً، بل هو جزء منك، جزء يحتاج إلى الإصغاء والفهم.
إذا كنت تشعر بهذا الفراغ المصحوب بالضجيج، فتذكر أن الصمت الخارجي لا يعني دائمًا سلامًا داخليًا، وأن الأصوات التي تسمعها داخلك قد تكون مجرد انعكاس لما تحتاج إلى فهمه والاعتراف به. تعلم أن تستمع لنفسك، وفهم هذا الضجيج، فقد يكون هو المفتاح للوصول إلى الراحة الحقيقية.
في النهاية، الفارغون ظاهريًا ليسوا كذلك في جوهرهم؛ إنهم ببساطة يحملون في داخلهم عالماً من الأصوات والقصص والتجارب، بانتظار اللحظة المناسبة لتخرج إلى النور، ليجدوا من خلالها السلام الداخلي الحقيقي.