رئيس الجمعية الأمريكية لمهندسي القيمية بأستراليا ونيوزيلندا
ونائب رئيس المنتدى الثقافي الأسترالي العربي
وعضو الهيئة الإدارية بمجلة عرب أستراليا
Edshublaq5@gmail.com
على مر الأزمنة وربما ومنذ بدء الخليقة هناك أشياء وجدت لاشغال الناس أو الخلق بدءا من النفس البشرية منفردة ( ابو الانبياء آدم مثلا حين كان وحيدا في الجنة ) ومن ثم الزوجة أو الصاحبة ومن بعدهم الأولاد والأحفاد وأخيرا الأصدقاء والجيران كما جاءت في الأحاديث والسير والتاريخ والجغرافيا وقد ينطبق ذلك أيضا على الكائنات والمخلوقات الأخرى من حيوانات ونباتات يشاركون الإنسان هذا الكون.
الإنسان بطبيعته ميال للصحبة والتواصل سواء مع أقرانه أو معارفه أو أي من جماعات يأنس إليهم وفقا لمنظومة الفكر والتدبر المشتركة فهناك مجموعات أدبية وأخرى سياسية وغيرها دينية عقائدية وسواء كانت مجموعات عامة أو خاصة، حيث الجمعيات والمنظمات والروابط والنقابات، فهدفها النهائي تقريب الناس لبعضهم البعض والاستفادة من معطياتهم ومناقشاتهم في نهاية الأمر ومنها قد تنبثق الصداقات الحميمة والتواصل المنتظم.
موضوع الوحدة والعزلة بين المواطنين الأستراليين موضوع شائك و عاد مرة أخرى أو مجددا إلى السطح ( 2024 ) وبقوة هذه المرة إذ ذكرت الإحصاءات والتقارير المنشورة حديثا أن أكثر من 35% يعانون حاليا من الوحدة، فهناك القلق الدائم والتوتر المستمر نتيجة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار و مشاكل الاسكان وتدني خدمات الصحة وتراجع مستوى التعليم بالإضافة إلى الفشل الحكومي في سياسة التعدد الثقافي او الحضاري والتي زادت أو فاقمت من المشكلة بحيث تقسمت مدينة سدني عرقيا إلى ( Little India ) في هاريس بارك – باراماتا و ( China Town ) في السيتي – ) Haymarket ) و Chatswood و رودس Rhodes ، وكبراماتا للفيتناميين. وهناك العرب والأستراليون البيض والأوروبيون ( أكثر من 150 جنسية من مختلف الأعراق والأديان والأشكال ) بالاضافة طبعا لارتفاع نسبة البطالة والتنافس الشريف وغير الشريف في الحصول على الوظائف والمهن، كل هذا زاد من حجم المشكلة والتي أدت إلى كثير من حالات الاكتئاب وبعض حالات الطلاق والانتحار وغيرها من المشاكل الاجتماعية الأخرى.
هذه الكوكبة من خليط البشر الأسترالي تتعارف وتتآلف وربما تتآنس (مؤقتا) في بيئة العمل وإذا ما تفرق الجمع فلا يعرف أحدهم الآخر ويذهب كل إلى عزلته وهناك فرق مؤكد بين الزمالة ( العمل ) والصداقة والتي تعد اليوم عملة نادرة يبحث عنها الكثير من المحرومين من هذا الخير والنعمة وربما تزداد الأمور تعقيدا لكبار السن والمتقاعدين والذين غالبا ما ينتهي بهم الأمر، بدون صداقات، إلى مستشفيات الرعاية ودور العجزة ونادرا مع بعض الأبناء أو الأحفاد ممن أكرم الله عليهم بنعمة حقوق الوالدين وصلة الأرحام في المجتمع المادي والاناني البغيض ولسان حال الكثير منا اليوم … ” لم يعد لي من الأصدقاء إلا موبايلي ودوائي ” والله المستعان.