داخلها مفقود، والخارج منها مولود؛ هكذا تتردد الحكايات عن صحراء الربع الخالي، تلك المساحة الشاسعة التي تفرض هيمنتها على جنوب شرق الجزيرة العربية. إنها صحراء لا ترحم، تغمرها الشمس القاسية وتغطيها الرمال البرتقالية التي تتحرك كأمواج البحر، تتلاعب بالعين وتخلق واحات وأشجاراً لتعود بالمغامر عطشاناً وخائباً.
صحراء الربع الخالي، أو كما تعرف أيضاً بصحراء الأحقاف، تُعد أكبر صحراء رملية متصلة في العالم، حيث تمتد على مساحة تبلغ حوالي 647,500 كم²، بطول يتجاوز 1000 كلم وعرض يقارب 500 كلم. تشترك في حدودها أربع دول شقيقة: المملكة العربية السعودية، اليمن، الإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، حيث تمتلك السعودية النصيب الأكبر من هذه الصحراء الشاسعة.
ورغم ما يوحي به اسمها، لم تعد هذه الصحراء خالية كما كانت من قبل. فقد أصبحت مأوى لمراكز ومحطات النفط والغاز، وأرضاً خصبة للبحث عن الثروات المعدنية التي تختزنها باطنها. تحتوي هذه الصحراء على كنوز هائلة من النفط والغاز الطبيعي، والمعادن المشعة، والرمال الزجاجية، والطاقة الشمسية. وليس هذا فقط، فهي تحتضن أيضًا أكبر حقل نفطي تقليدي في العالم، حقل "الغوار"، الذي يقع شرق مدينة الرياض في السعودية.
على الرغم من أن أول رحلة موثقة إلى الربع الخالي كانت في عام 1931م من قبل الرحالة الإنجليزي برترام توماس، إلا أن خبايا هذه الصحراء ظلت لغزاً محيراً. فرمالها التي تُشكل كثبانًا رملية ذات شكل نقطي، تهاجر باستمرار عبر سهول وادي هزار في الجزء اليمني من الربع الخالي، وكأنها في رحلة دائمة لا تنتهي.
إنها صحراء تتحدى حدود العقل والجسد، عالم من الرمال يمتد بلا نهاية، يُغري بالاستكشاف لكنه لا يمنح الأمان. من يدخلها يحتاج إلى قلب من حديد وعقل منظم، ليكون بين قلة من استطاعوا أن يخرجوا من أحضانها سالمين.