"عبر التاريخ، وعند جميع شعوب الأرض، كلما بدأ أهل الدار بالدفاع عن حياضهم، انبرى فُسَّاق الأمة وعَمائم الفتنة وأبواق المأجورين من أصحاب الصحف الصفراء يجولون ويصولون، مجتهدين في دق الأسافين هنا وهناك، مرجفين ومثبطين للعزائم، متعاونين مع أعداء الأوطان بلا خلق أو حياء. يتجاوزون في ذلك بما يبثه إعلام العدو دون ورع أو خجل.
وأسوق مثالًا من تفاهاتهم وخزيهم، أولئك الذين تطاولت ألسنتهم على المقاومات الصابرات من شريفات الأمة وأمهات حفظة القرآن الكريم، بما لا يليق بخلق العربي، حتى في جاهليته، إذ كان يرفض ترويع نساء الخصوم ومس الشرف. كما ورد على لسان أبي جهل اتجاه نساء الرسول وبناته، إذ خشي أن يدخل البيت عنوة فيقال عنه في العرب ما يكره.
اما هؤلاء النكرات الذين تربوا على الغدر والخيانة وبيع الشرف، حتى إن العدو نفسه، وعلى لسان إيدي كوهين، أشاد بشرف نساء المقاومين، ونحن نرى حرصهن وإصرارهن في عدم إخراجهن من تحت الأنقاض إلا بحجابهن وسترهِن. هذه الشرذمة المتنكرة لدينها وأخلاقها تعودت التطاول على نساء الأمة وكبار شيوخها وملوكها، وهذا ليس بغريب على المنافقين والمنافقات، ولنا في حادثة الإفك واتهامهم لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عبرة واضحة.
أخي القارئ، كلنا عابرون سبيل، وكاتب سجلنا لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ويُحصيها. فلنتقِ الله في أنفسنا، ومن استطاع تقديم الخير فليقدمه، ومن لم يستطع، فليصمت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت). لقد شهد التاريخ الإسلامي ما هو أسوأ من ما نمر به، ومع ذلك عاد لعزته وشموخه، والأمة ما زالت تلد الأبطال والامثلة حية نراها في الحفاة الحوعى من الأبطال.
فليخسأ القاعدون المرجفون من حثالة الأمة، وتحية إجلال وإكبار لكل من حمل على عاتقه تحرير الأوطان والإنسان."