قبل يد والدته وطلب منها الرضا والدعوات المعتادة بأن يوفقه الله، قالت له: يا ميمتي ربي يحميك ويحفظك أنت وزملائك، دربكم خضراء، يا يمه انتبه لحالك، ودعتك الله، وودع طفله الصغير بقبلات حارة، وطلب من زوجته الاهتمام به، وأن تسجل له كل كلمة جديدة نطقها في غيابه، وأن تصور له أول خطواته إذا مشى لوحده.
قال لأخته آخر العنقود، انتبهي لدراستك، أريد أن أفرح بنجاحك ودخولك الجامعة، وهي تقول له: ما أجملك بلباس الشرطة يا خوي، وهو يضع الطاقية على رأسها ويمازحها ويبتسم في وجهها، ربما سيبقى اسبوع أو أكثر لن يرى عائلته بسبب متطلبات العمل بسلك الأمن العام.
خرجوا من بيوتهم، وقفوا بالشوارع، وعلى أبواب المدن ومخارجها، والأمطار تبلل أجسادهم من الرأس حتى القدم، يسهرون على أمن الوطن، يحافظون على إنفاذ القوانين والتعليمات والأنظمة المشروعة، يحرسون على تنظيم السير، وتأمين الطرقات، وتسهيل حركة المواطنين بكل سلاسة وأمان على الطرق، يعملون على حماية المؤسسات والتجمعات البشرية، يعتنون بكل شاردة وواردة، تمضي الساعات الكثيرة وهم في أوج نشاطهم، وابتسامتهم في وجه المواطن لا تفارق شفاههم، يتكلمون بالفاظ مطمئنة تشعرك أن كل شيء على ما يرام، يتفقدون أي شخص يشعرون أنه بحاجة للمساعدة، فهم كالمصابيح التي تضيء عتمة الطرقات بالأمن والأمان.
لا شك هي لحظات تحبس الأنفاس، إذا كان وداع الأم نهائياَ لا لقاء بعده، أو يمشي ذلك الطفل الصغير ويكبر دون أن يعود والده، أو تنجح الأخت وتكون فرحتها ناقصة، هذه مشاعرنا عند كل عملية جبانة ويد غادرة تصوب حقدها ضد قوات الأمن العام أو الجيش، لكنه نداء الواجب ومتطلبات الرجولة والبسالة التي يتميز بها منتسبي الأمن العام، الذين أقسموا على الحفاظ على أمن الوطن والتضحية لأجله، يمحو كل تلك التفاصيل والمشاعر، وتبقيها رهن إشارة الوطن، كي يبقى الأردن آمناَ عزيزاَ مستقراَ.
لا عاش الجبناء والحاقدين، الذين يحاولون المساس بأمن الوطن، وجره إلى الفوضى، متناسين أن فعلتهم كالهباء المنثور، لأن أسوار الوطن منيعة يحرسها الأشاوس البواسل من الأجهزة الأمنية والجيش، فهم فلذة كبد الأردنيين، والعين الساهرة على أمنهم، وهم ترياق الفداء وعشق الوطن، يفدونه بالمهج والأرواح، ونحن على ثقة بالله وبهم إلى أبد الدهر بأن الوطن له رجال تحميه.