شهدت المملكة الأردنية الهاشمية تحولًا تاريخيًا بالغ الأهمية مع تطبيق نظام الأحزاب السياسية لأول مرة في المجلس النيابي، مما شكل نقطة فارقة في مسار الحياة السياسية في المملكة، فأصبح 2024 عامًا محوريًا شهد إدخال الأحزاب السياسية كعنصر أساسي في تشكيل المجلس النيابي، ما أسهم في تعزيز التعددية السياسية وتقديم صورة أكثر شمولًا وتمثيلًا لمختلف فئات المجتمع. وهذا التحول لم يكن مجرد تغيير شكلي، بل كان بداية لمرحلة جديدة من العمل البرلماني الذي يعتمد على برامج حزبية واضحة يمكن للناخبين تحديد خياراتهم بناءً عليها.
ومن أبرز نجاحات هذا التحول هو تمكين الشباب، إذ إنهم يمثلون الشريحة الأكبر في المجتمع الأردني، ليكون لهم دوراً من المشاركة الفعالة في العملية السياسية عبر الأحزاب، لإتاحة الفرصة للشباب في التأثير على القرارات السياسية والمشاركة في صياغة التشريعات التي تؤثر في مستقبلهم عبر الأحزاب السياسية، وعليه أصبح الشباب قادرين على تقديم أفكار مبتكرة وحلول عملية للتحديات التي تواجه المجتمع، خصوصًا في مجالات مثل التعليم، والعمل، والتنمية الاقتصادية. بهذا التمكين، تحقق للشباب دور أكبر في توجيه السياسات العامة، وتمكنوا من الدخول إلى البرلمان كممثلين حقيقيين لأجيالهم.
ولأول مرة، بدأنا نرى في المجلس النيابي كتلاً حزبية تمثل توجهات سياسية متنوعة، ما منح البرلمان طابعًا أكثر ديناميكية وفعالية، فقد أصبحت الأحزاب توفر منصة للشباب لتمثيل مصالحهم، بينما تقدم الكتل الحزبية برامج سياسية واضحة تساعد في تعزيز القدرة التنافسية بين مختلف الأفكار والرؤى، ليعكس هذا التوجه بشكل جلي تنوعًا فكريًا يمثل احتياجات وتطلعات المجتمع الأردني بشكل أوسع من أي وقت مضى، مما يجعل المجلس النيابي أكثر قدرة على معالجة القضايا الحاسمة التي تمس حياة المواطنين.
إن وجود الأحزاب في البرلمان لم يقتصر على زيادة التنوع في التمثيل، بل أسهم أيضًا في تعزيز الشفافية والمحاسبة، حيث تساهم الأحزاب في تقديم برامج سياسية تتوافق مع أولويات الشعب، وفي مراقبة أداء الحكومة لضمان تنفيذ السياسات بفعالية. كما أن هذا التوجه يعزز من استقرار الحياة السياسية في المملكة، من خلال تطبيق الأحزاب السياسية في المجلس النيابي ليمثل بداية مرحلة جديدة من الديمقراطية في الأردن، حيث أصبح لدينا برلمان يعكس فعلاً طموحات الشعب وأولوياته، ورغم التحديات التي لا تزال قائمة في تعزيز دور الأحزاب السياسية بشكل كامل، إلا أن هذه التجربة تفتح آفاقًا واسعة لمستقبل أكثر شمولًا وحيوية مع استمرار تطوير البيئة السياسية وتشجيع الأحزاب على تقديم مرشحين شبابيّين واعدة، ليشهد الأردن بقيادة جلالة الملك المعظم عبدلله الثاني ابن الحسين مرحلة جديدة من التقدم السياسي والاقتصادي، تُسهم فيها الأحزاب في تحديد مستقبل البلاد من خلال المشاركة الفعّالة للشباب في صناعة القرار.