السقوط ظاهرة فيزيائية تخضع لقوانين الكتلة والوزن، وكلما زاد ارتفاع الكتلة ووزنها، كان السقوط أشد ألمًا وأكثر قسوة. ولكن هناك نوع آخر من السقوط، لا يخضع لقوانين الطبيعة بل لعمى القلوب، ذلك العمى الذي ورد ذكره في القرآن الكريم. حين يعمى القلب، فلا بصيرة تهديه ولا بصر يرشد صاحبه، يصبح هذا القلب مستودعًا للحقد والكبر، بلا نور من دين يُستنار به، ولا تواضع يُتيح لصاحبه قبول النصح أو الاستشارة.
إنها فرعونيةٌ في الاستعلاء والتفكير، وشيطانيةٌ في المكر والتدبير، أولئك الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فأغضبوا الخالق وأضروا بالعباد. لكن خاتمة الطغاة دائمًا السقوط.
ويا ليته كان سقوطًا عن راحلة في سبيل الله، أو أثناء بناءٍ يعمر الأرض، بل هو سقوط نتيجة هروبٍ من سخط الإخوة والأبناء. كم قيل له: "يا أبتي لا تعبد الشيطان، يا أبتي لا تهلك الحرث والنسل والإنسان." لكنه أجاب متكبرًا: "أنا رب الأرباب، ومالك القطر والسحاب!" فسقط، ولن يقف ثانيةً، لا بسبب جاذبية نيوتن، بل بثقل جبروته وطغيانه، وهكذا سقوط الطغاة.