بقلم: عصام المساعيد – رئيس جمعية فرسان التغيير للتنمية السياسية وتطوير المجتمع المدني
الأردن ليس مجرد وطن، بل هو رسالة حضارية وإنسانية تُخاطب العالم بلغة السلام والتسامح، في منطقة تعصف بها الصراعات وتتعدد فيها المحاور، نجح الأردن في أن يكون واحة للأمن والاستقرار، ونموذجًا فريدًا للتعايش بين الأديان والثقافات. هذا الإنجاز لم يكن محض صدفة، بل هو ثمرة إرادة هاشمية أصيلة ورؤية استراتيجية عميقة أرسى دعائمها الهاشميون على مر العقود.
في قلب منطقة مليئة بالتوترات، استطاع الأردن أن يحوّل التنوع الديني والثقافي إلى مصدر قوة ووحدة. المسلمون والمسيحيون في الأردن لا يعيشون فقط جنبًا إلى جنب، بل يعملون معًا من أجل بناء وطنهم المشترك، بروح تقوم على الاحترام المتبادل والشراكة الحقيقية.
هذا التعايش ليس شعارات جوفاء، بل هو نهج استراتيجي عزز من مكانة الأردن على الساحة الدولية كدولة تُجسد قيم الاعتدال والوسطية. وكما قال جلالة الملك عبدالله الثاني: "التنوع الديني في الأردن هو إرث حضاري نفخر به، وهو الذي يجعلنا أقوى في مواجهة التحديات".
تُجسد القيادة الهاشمية الحكيمة نموذجًا فريدًا في التعامل مع القضايا المحلية والإقليمية برؤية ترتكز على العدل والسلام. تحت وصاية الهاشميين، حظيت المقدسات الإسلامية والمسيحية بحماية ورعاية تعكس الدور التاريخي للأردن كحارس أمين لإرث الرسالات السماوية.
المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة، اللذان يحظيان بوصاية هاشمية، يمثلان رمزًا عالميًا للدفاع عن الحقوق الإسلامية والمسيحية في القدس. وعلى الجانب الآخر، يحتضن الأردن مواقع مسيحية ذات مكانة روحية استثنائية، مثل المغطس وجبل نيبو، مما يجعله جسراً بين الحضارات وأرضاً تجمع ولا تفرق.
الثقافة الأردنية ليست مجرد تراكم للتاريخ، بل هي إرادة حية تعكس تماسك المجتمع وصلابته أمام التحديات، استطاع الأردن أن يحافظ على هويته الثقافية والدينية رغم كل الصعوبات، ليصبح رمزًا عالميًا للتعايش.
في هذا الإطار، لعبت القيادة الهاشمية دورًا محوريًا في تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، إذ أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن "الوحدة الوطنية هي الركيزة الأساسية لاستقرارنا، وهي الحصن المنيع الذي يحمي الأردن في وجه الأزمات".
الأعياد في الأردن ليست مجرد مناسبات دينية، بل هي لحظات وطنية تجسد قيم المحبة والإخاء. عيد الميلاد المجيد، على سبيل المثال، يُمثل فرصة لتعزيز الروابط بين جميع الأردنيين، مسلمين ومسيحيين، ليُظهروا للعالم نموذجًا فريدًا من الوحدة الوطنية، وفي هذه المناسبة، أتوجه بالتهنئة القلبية لإخواننا المسيحيين، سائلاً الله أن يديم علينا نعمة السلام والوئام.
ما يميز الأردن ليس فقط استقراره، بل الطريقة التي بُني بها هذا الاستقرار في منطقة تعصف بها الفوضى، فقد أثبتت المملكة الاردنية الهاشمية أن الأمن لا يُبنى بالقوة فقط، بل بالتسامح والحوار وبناء جسور الثقة بين مكونات المجتمع.
هذا الاستقرار جعل الأردن واحدًا من أكثر الدول أمانًا في العالم، ليصبح ملاذًا للاجئين من الدول المجاورة، ومثالًا يُحتذى به في إدارة التنوع والتعامل مع الأزمات بحكمة واقتدار.
الأردن، بقيادته الهاشمية وإرادته الثقافية، يحمل رسالة حضارية إلى العالم: يمكن للأديان أن تتعايش، وللتنوع أن يكون مصدر قوة. هذه الرسالة ليست نظرية، بل هي واقع يومي يعبر عنه كل مواطن أردني يؤمن بأن ما يجمعنا هو أقوى مما يفرقنا.
كل عام والمسيحيون في الأردن والعالم بألف خير، وحمى الله الأردن قيادة وشعبًا، ليبقى منارة للسلام والتعايش في عالم يحتاج إلى هذا النموذج أكثر من أي وقت مضى.