الحياة تُقاس بما يتركه الإنسان من أثر، وما يزرعه من خير في قلوب الناس. والمرحوم بإذن الله الحاج عايد ملاوي القضاة بني صخر (أبو عطاالله) كان مثالًا للرجولة والشهامة والكرم، رجلًا حمل في قلبه حب الناس، وفي يديه بذور الخير، فكان شعلة مضيئة في مجتمعه، لا يذكره أحد إلا بالخير والدعاء.
النشأة والمسيرة
وُلد الحاج عايد ملاوي القضاة في بيئة بدوية أصيلة، حيث كان للبساطة والنقاء حضور في تفاصيل الحياة. نشأ في أسرة عُرفت بكرمها وعراقتها، فتربى على المبادئ الأصيلة من كرم الضيافة، حب الخير، وإغاثة الملهوف. منذ صغره، كان يتحلى بالحكمة والرزانة، مما جعل الناس يستشيرونه في أمورهم، ويأخذون برأيه في شؤونهم.
الكرم والشهامة عنوان حياته
لم يكن الحاج عايد مجرد رجلٍ يعيش أيامه ويمضي، بل كان رمزًا للعطاء والكرم. بيته كان مفتوحًا للقريب والغريب، لا يردُّ سائلًا، ولا يغلق بابه أمام محتاج. كان يحرص على مساعدة كل من يلجأ إليه، ويشارك الناس في أفراحهم وأحزانهم، فكان حاضرًا في كل مناسبة، يسعى لنشر المحبة والتآخي بين الناس.
دوره في المجتمع وإرثه في منشية القضاة
لم يكن الحاج عايد ملاوي القضاة مجرد مصلح اجتماعي أو رجل كرمٍ فحسب، بل كان أيضًا صاحب رؤية تنموية ساهمت في بناء مجتمعه. من أبرز أعماله الخيّرة التي لا تزال شاهدة على عطاءه، أنه تبرع بقطعة أرض لمن أراد السكن في قرية منشية القضاة، وذلك بسعر رمزي، مما أسهم في تأسيس نواة هذه القرية قبل أن تتوسع شرقًا وشمالًا.
كانت هذه المبادرة مثالًا على تفانيه في خدمة الناس، حيث منح الفرصة لكثيرين للاستقرار وبناء حياتهم في بيئة كريمة. لم يكن ينظر للأرض كمجرد ممتلكات، بل كوسيلة لزرع الخير وتمكين الآخرين من الحصول على سكن كريم. هذا الفعل الإنساني جعل اسمه مقترنًا بنشأة وتطور منشية القضاة، وبات يُذكر دومًا بكل خير وامتنان.
إلى جانب ذلك، كان داعمًا لكل ما من شأنه تحسين حياة أبناء مجتمعه، سواء بالمساهمة في حل النزاعات، أو تقديم العون لمن يحتاج، أو نشر روح المحبة والتعاون بين الناس.
إرثه بعد الرحيل
رحل الحاج عايد عن هذه الدنيا، لكن ذكراه لم ترحل، فما زالت كلماته، أفعاله، وقيمه التي زرعها في نفوس أبنائه وأحفاده تضيء دربهم. ترك خلفه سيرةً عطرةً تتناقلها الأجيال، ودعوات صادقة تلهج بها الألسن كلما ذُكر اسمه.
لا تموت القلوب التي امتلأت حبًا وعطاءً، ولا تُنسى الأرواح التي عاشت لأجل الآخرين. سيبقى اسم الحاج عايد ملاوي القضاة محفورًا في القلوب، وستظل ذكراه العطرة نموذجًا يُحتذى به في الأخلاق والكرم والشهامة. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته، وجزاه خير الجزاء على ما قدّم في حياته.