يقدّم الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح نموذجًا متفردًا في عالم الدبلوماسية العربية، فهو ليس مجرد سفير سابق لدولة الكويت الشقيقة لدى المملكة الأردنية الهاشمية، بل ظاهرة دبلوماسية تستحق الوقوف عندها ودراستها بوصفها حالة ناجحة في العلاقات الدولية، ومثالًا حيًّا على قوة التأثير الإنساني في العمل الدبلوماسي الحديث.
من يراقب مسيرة الشيخ فيصل الحمود يدرك أنه ينتمي إلى المدرسة الدبلوماسية الرفيعة التي تجمع بين الرصانة الرسمية والدبلوماسية الشعبية، وبين العلاقات البروتوكولية والبعد الاجتماعي الإنساني، وهي المدرسة التي طوّرها بممارسة يومية واعية جعلت منه أحد الوجوه المشرقة للدبلوماسية الخليجية والعربية.
ولعل أبرز ما يميز تجربته أنه لم يغادر الأردن يوم أنهى مهامه الرسمية ، بل بقي حاضرًا في تفاصيله، متابعًا لشؤونه، قريبًا من مجتمعه، حريصًا على المشاركة في أفراح الأردنيين وأتراحهم، وفي مناسباتهم الوطنية والاجتماعية والثقافية ، وقد كوّن بذلك صِلات ممتدة بينه وبين مختلف الأطياف الأردنية، من العشائر إلى النخب، ومن رجالات الدولة إلى المؤسسات الشعبية.
هذه القدرة على استمرار التواصل تُعدّ من الصفات النادرة في عالم الدبلوماسية، حيث ينتهي دور أغلب السفراء بانتهاء مهمتهم، بينما اختار الشيخ فيصل الحمود أن يبقى صوتًا من الكويت قريبًا من الأردن، يجسد عمق العلاقة بين الشعبين بروح إنسانية صادقة، ووعي سياسي راسخ.
وتبرز تجربة الشيخ فيصل الحمود أيضًا بوصفها مثالًا يُدرّس في الإعلام الدبلوماسي، فهو يجيد إدارة صورته الإعلامية بحكمة واتزان، ويعرف قيمة للكلمة حين تصدر منه؛ لذلك تتسم رسائله وظهوره ومشاركاته بالتوقيت المدروس، واللغة الرفيعة، والدلالة العميقة التي تعكس معرفة واسعة بمبادئ الاتصال السياسي وتأثيره في الرأي العام.
لقد كان الرجل دائمًا قريبًا من جميع فئات المجتمع الأردني: يزور، يهنّئ، يواسي، يحاور، ويتابع، دون تكلف أو بروتوكول زائد. وهذا الحضور الإنساني العميق هو ما أسس لثقة واسعة واحترام دائم، وخلق نموذجًا للدبلوماسية الشعبية التي تقوم على بناء الجسور قبل البيانات، وتثبيت العلاقات قبل الاتفاقيات.
لاشك في ان الشيخ فيصل الحمود يتمتع بثقافة رفيعة تتجاوز حدود العمل السياسي، فهو على ما يبدو قارئ واسع، ومتابع دقيق للشؤون العربية والدولية، ويمتلك قدرة على فهم البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمعات التي يتعامل معها.
هذه المعرفة العميقة هي ما جعلته يتعامل مع الأردن بذكاء خاص، وبحسّ اجتماعي راقٍ جعله قريبًا من الجميع دون استثناء.
إن تجربة الشيخ فيصل الحمود ليست مجرد مرحلة دبلوماسية، بل هي منهج متكامل في بناء العلاقات بين الدول والشعوب، ومنهج في التواضع والقرب من الناس، ومنهج في رسم صورة مشرقة للدبلوماسي الخليجي الذي يحمل قيمه معه أينما ذهب، ويترك أثرًا طيبًا لا يزول بانتهاء المهمة.
لقد أثبت الرجل أن الدبلوماسية الناجحة ليست تلك التي تُمارَس في الغرف المغلقة فحسب، بل تلك التي تُمارس بين الناس، وتُبنى على احترامهم، وتستند إلى إدراك عميق لقيم المجتمع وثقافته.
ولذلك، سيظل الشيخ فيصل الحمود المالك الصباح جسرًا إنسانيًا وسياسيًا جميلًا بين الكويت والأردن، ومدرسة دبلوماسية خليجية قائمة بذاتها، قوامها الأخلاق والثقافة والكفاءة والإنسانية.
المعهد الدبلوماسي الأردني / Jordan Institute of Diplomacy MOFA