بعد مرور 200 يوم فقط على تعيينه مدربًا لريال مدريد، يجد تشابي ألونسو نفسه في قلب واحدة من أعقد الأزمات داخل غرفة ملابس الفريق، بعدما تحوّل مشروعه الفني القائم على الانضباط والجدارة إلى صدام مباشر مع أبرز نجوم الفريق، في وقت يراقب فيه فلورنتينو بيريز الموقف بقلق ويتدخل كلما تعقدت الأمور.
البداية كانت في يوليو الماضي حين علم فينيسيوس جونيور أنه سيكون على مقاعد البدلاء قبل مواجهة باريس سان جيرمان في نصف نهائي كأس العالم للأندية. القرار أثار غضب اللاعب الذي لجأ مباشرة إلى بيريز وأخبره أن العلاقة مع المدرب "لا تسير كما يجب”، وأن استمرار هذا الوضع سيؤثر على تجديد عقده. ورغم الظروف الطارئة التي أجبرت ألونسو على إشراكه أساسيًا، انتهت المباراة بكارثة بخسارة ثقيلة أمام باريس، لتبدأ الشكوك تتسلل إلى الإدارة.
خلال فترة الإعداد، تمسك ألونسو بمبدأ الجدارة، وأبقى فينيسيوس بديلًا في إحدى المباريات رغم الضغوط، لكن تدخل الإدارة لم يتأخر، حيث نقل بيريز للمدرب بأن اللاعب "أصل من أصول النادي” ويجب منحه دورًا أكبر. ومع تزايد الضغوط، جاءت الهزيمة القاسية أمام أتلتيكو مدريد لتفتح جبهة جديدة، هذه المرة مع بيلينجهام الذي شعر أنه دُفع للعب مصابًا وتم تحميله مسؤولية النتيجة.
لكن الأمور لم تتوقف هنا، إذ انفجرت الخلافات داخل الفريق في بداية أكتوبر، عندما أبدى فالفيردي رفضه العلني للعب كظهير أيمن، قبل أن يغضب فينيسيوس مرة أخرى بسبب استبداله، ثم جاءت لقطة ركلة الجزاء ضد فياريال التي منحها مبابي لزينيسيوس رغم تعليمات المدرب، في مشهد بدا وكأنه إعلان غير مباشر لتمرّد غرفة الملابس.
الضربة الأكبر تلقاها ألونسو في الكلاسيكو أمام برشلونة، حين أثار استبداله لفينيسيوس غضب اللاعب العلني أمام الجماهير. بيريز كان قد حذر المدرب سابقًا من التعامل بهذه الصرامة مع النجم البرازيلي، لكنه تركه هذه المرة يواجه الأزمة وحيدًا، بل أجبر فينيسيوس على الاعتذار للجماهير دون ذكر اسم المدرب، وهي خطوة زادت من شعور ألونسو بأنه أصبح معزولًا.
وفي محاولة لتهدئة الأجواء، عاد المدرب لاستخدام أسلوب أنشيلوتي القديم، فاستعاد فينيسيوس مركزه المفضل، ولعب فالفيردي في الوسط، وبيلينجهام في دور متقدم، بينما اختفى اللاعبون الشباب مثل ماتانتونو وجولر من المشهد. ورغم هذه التنازلات، لم تتحسن النتائج بالشكل المطلوب، وظهر الفريق بثلاثة تعادلات متتالية زادت من الشكوك حول مستقبل المشروع الفني.
ومع فوز الفريق على أتلتيك بلباو، قرر ألونسو منح اللاعبين إجازة يومين، وهو قرار لم يرق للإدارة. وفي مؤتمره الصحفي قبل مباراة سيلتا فيجو امتدح فينيسيوس رغم غيابه التام عن التسجيل لأسابيع، في إشارة واضحة إلى أن المدرب بات مضطرًا للتعامل بمرونة أكبر لتفادي أزمات جديدة.
تشابي ألونسو جاء إلى ريال مدريد وفلسفته مبنية على الانضباط، لكن ضغط الإدارة وتمرد النجوم دفعاه تدريجيًا إلى التراجع عن مبادئه. وبعد ستة أشهر فقط، يبدو أن غرفة الملابس قد فرضت كلمتها، تاركة المدرب الباسكي في موقف صعب ومستقبل مفتوح على كل السيناريوهات داخل "سانتياجو برنابيو”.