ربعُ الطواقي الحُمر هُم رأسُ الرُّمح وحدُّ السيف، كان لنا الشرف العظيم في تعيين سموّ الأمير "آنذاك" عبدالله بن الحسين قائداً للقوات الخاصة الملكية عام 1993م، فكان عصرها الذهبيّ، حيث ترك بصمةً أبقى من الدهر، عولمَ القوات الخاصة تدريباً وتأهيلاً وتسليحاً ومعدّات، في عهده أصبح الجنديّ شامخاً لا يقبل الانحناء، كالجبل لا تهزّه العواصف ولا تكسره الأعاصير، استلمها بحجم لواء، وطوّرها حتى أصبحت بحجم فرقة عمليات خاصة، قوة ضاربة، وذراعٌ طويلة، واحتياط استراتيجي للجيش.
في اللقاء الأخير مع جلالة الملك، وبحضور نخبة من رفاق السلاح، وقُدامى القوات الخاصة، الذين خدموا في تلك المرحلة، تصفّح جلالة الملك أوراقاً تاريخية، كُتبت بفوّهات البنادق، وتذكّرنا مواقفَ خالدة، أثارت مشاعر الحنين، والشوق، إلى ذكريات الماضي المجيد، هي استدارة وفاء، ووسام تقدير، وفرصة عمر، كانت غيمة ماطرة وسحابة برد وسلام، وامتداداً لعصر ذهبيّ، حيث شحنَ معنوياتنا بقيَم الجندية لتروي ظمأ القلوب.
سيدنا، راية لا تُطوى، وسيفٌ لا يُغمد، لإعلاء مجد الوطن، يؤمن بأن السيف الذي ليس وراءه عقيدة سرعان ما ينحرف، أمضى زهرة شبابه وربيع عمره، متنقلاً بين "القطرانة ومعسكرات خَوّ" بين البنادق والخنادق، بين أزيز الرصاص وانفجار القنابل، ودويّ المدافع، شمس آب لوّحت محيّاه، رياح تشرين عكّرت صفو حياته، برد كانون ينهشُ من عظامه.
أثبت أنّه قائدٌ مخضرم، وعسكريّ محنّك، وسياسيٌ محترف، ودبلوماسيّ لامع، ذو رؤية ثاقبة تربط الأهداف بالوسائل، سريع التكيّف مع متغيّرات العصر، يتميّز بموهبة قيادية تُجبركَ على الطاعة وتنفيذ الأوامر بنفس راضية، ورغبة صادقة، وعن طيب خاطر.
من فقدَ قدرته على الانتماء، عليه أن يلتحق برفاق السلاح، الذين يعتنقون عقيدة وطنية راسخة، ترى الوطن أمّ وأطفال وتراب معطّر بدم الشهداء، وعرشٌ لا يُهدم ولا يُهزم.