في زمنٍ تتزايد فيه التحديات الاقتصادية، تبرز قصص أردنية حقيقية تثبت أن الإرادة قادرة على تحويل أبسط المساحات إلى منصات إنتاج وأمل. ومن قلب المطبخ الأردني، بدأت حكاية راية سعد هلال العقرباوي، سيدة أردنية اختارت أن تصنع طريقها بيدها، وتحوّل التحدي إلى فرصة.
راية، التي بدأت من الصفر دون عمل أو مصدر دخل ثابت، وفي ظل ظروف معيشية صعبة، آمنت بأن المطبخ ليس مجرد مساحة منزلية، بل يمكن أن يكون نواة مشروع منتج، يحفظ الكرامة ويوفّر مصدر رزق مستدام. ومن هنا، أطلقت قبل ثلاثة أعوام "مشروع الراية للإنتاج المنزلي”، مستندة إلى الموروث الغذائي الأردني الأصيل.
انطلقت العقرباوي بإعداد الوصفات التراثية، لا سيما المأكولات الكركية والأردنية، محافظةً على النكهة الأصلية وجودة المكونات، قبل أن تتجه لاحقًا إلى تطوير مهاراتها من خلال الدورات والمحاضرات المتخصصة في سلامة الغذاء، وجودة المنتج، والتغليف الاحترافي، بما يواكب متطلبات السوق دون المساس بالهوية.
ومع توسّع التجربة، دخلت عالم الألبان، وقدّمت أصنافًا مطوّرة أضافت لها قيمة غذائية مبتكرة، من بينها خلطات تعتمد على الأفوكادو والليمون، والزيتون الأخضر والأسود، والجزر، والمكدوس، والطحينية، في تجربة جمعت بين الابتكار والطابع التراثي.
وبالاعتماد على الجودة والالتزام، بدأ المشروع يشهد إقبالًا متزايدًا، حيث اعتمدت راية على تطوير مشروعها بخطوات تدريجية ومدروسة، حتى أصبحت اليوم قادرة على إنتاج أصناف مميزة بجودة عالية، إلى جانب مساهمتها في تشغيل سيدات من المجتمع المحلي، ما منح المشروع بعدًا اجتماعيًا واقتصاديًا واضحًا.
ويشمل المشروع حاليًا مجموعة واسعة من المنتجات، أبرزها:
المخللات، والمربّى بأنواعه، وأصناف غذائية تراثية تُحضّر وفق أعلى معايير الجودة، وقد نجحت هذه المنتجات في الوصول إلى عدد من محافظات المملكة، وبناء سمعة قائمة على الثقة والكرم وجودة الطرح.
ورغم النجاحات المتحققة، تؤكد العقرباوي أن الطموح ما زال أكبر، وأن الحاجة قائمة إلى دعم وتمكين المشاريع المنزلية المنتجة، لا سيما تلك التي تقودها السيدات، لتمكينها من التوسع والاستمرار في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وتختصر راية رسالتها بالقول إن المطبخ الأردني ليس مجرد تراث، بل مساحة قادرة على صناعة فرص حقيقية، حين تقترن بالإرادة، والعمل الجاد، والإيمان بالذات.