نيروز الإخبارية : نيروز الإخبارية: كتب د. محمد عبدالكريم الزيود.
أتمنى أن أعود يوم غد إلى مدرستي الأولى ، مسرورا بالدخول للصف الأول ، حاملا حقيبتي الجديدة ، خائفا من دخول باب المدرسة ، أتشبّث بمدرقة أمي ، وعيوني تفيض بالدمع عندما تركتني في الصف مع أولاد وبنات غرباء ..
أشتاق لرؤية إبتسامات معلماتي ؛ بسمة إرتيمة وغادة مشهور ونضال القضاه ، هُنّ من فتحنَ لنا هذا العالم الجديد ، في اليوم الأول وفي الصف الأول هناك فرح وخوف ، عندما تدخل باب الصف الأول وأنت تغادر بوابة البيت ، وتقول لكَ معلمتكَ : لا تبكِ لقد أصبحتَ رجلا ...!!
أشتاق لرفيق الدرج ، الذي كان ينام في الحصة الأولى ...للضحكات التي كنا نخبئها عن المعلمة ... للطباشير التي سرقناها وكتبنا بها أول الأحرف على اللوح ، فلم ننساها أبدا حتى بعدما أنهينا الدكتوراه ..
أشتاق لرائحة السندويشة الأولى ، عندما كان كل الصف تفوح من حقائبهم رائحة الزيت والزعتر ... للنعس الصباحي ، للنوم على الدرج ، لضحكات أولاد الصف في الفرصة ، لشتم المعلمة وأنت تنسخ الدرس عندما تتعب الأصابع وينفطع قلم الرصاص وتضيع الممحاة ، ..!
أشتاق للمصروف الذي أخبئه في جيبة المريول والذي لا يكفي إلّا لشراء بسكوتة واحدة .. لنصائح أمي أن أنتبه للطريق ومن السيارات ، وأن أعود باكرا وأحملُ همّ حل الواجب ودوام يوم جديد ...
أشتاق للشبرة الحمراء على الصدر ،للنجمة الملوّنة على الجبين لقاء جوابي على سؤال المعلمة ونظافة شعري وأظافري .. لكتاب اللغة العربية ، لباسم ورباب ، ولفلسطين داري ، ولعمي منصور النجار ولدجاجة أم حمدان ...
أشتاق للسلام الملكي في طابور الصباح ، للوقوف والغناء للوطن الذي كنا نراه زاهيا بهيّا في الراية التي تخفق عاليا على السارية ..
أشتاق لصفي ولمعلمتي ولرفاق المدرسة ، ليتنا لم نكبر ، ليتنا لم نغادر الصفوف وظل الوطن داخل أسوار المدرسة ، وظلّتْ أحلامنا أن نستبدل أقلام الرصاص ونكتب بالحبر ...!!!
سلام على مئة ألف يدخلون الصف الأول
وسلام على مئة ألف يحرسون حدود الوطن
وسلام على وطن يكبر بالحرف .