نيروز الإخبارية : نيروز الاخبارية :
الدكتور عديل الشرمان
(انفجار قنبلة على مدخل جامعة .....)، حيث يهرع المواطنون الى مكان الحادث، ويدخل أهالي الطلبة في حيرة من الامر، وتسود حالة من الارتباك والفوضى، والكل منشغل بالاطمئنان عن ابنه أو قريبه، وما هي إلا دقائق قليلة تمر قبل أن يعرف المواطنون أن هذا العنوان كان لإعلان افتتاح مطعم للمأكولات السريعة بالقرب من مدخل إحدى الجامعات في أحد البلدان العربية، وقد أراد المعلن لفت الانتباه إلى الموضوع بطريقة غريبة ومثيرة ومريبة دون مراعاة للآثار والأبعاد السلبية لهكذا عناوين، ولم يكن هم المعلن سوى الوصول إلى غاياته وأهدافه ولو على حساب التلاعب بمشاعر الآخرين.
( انقلاب عسكري في اليمن ), لم يكن هذا إلا عنوان لخبر نشرته إحدى وسائل الإعلام ذات يوم، مما ضاعف من اعداد القراء والمتابعين بشكل كبير، ليتبين فيما بعد أن أحد العسكريين كان يستخدم حمارا للتنقل من مكان لآخر فانقلب عن الحمار في طريق جبلي وعر ووقع ارضا.
( كيم يردي ترامب قتيلا بسبب خلاف مالي), لم يكن هذا سوى عنوان لقصة موضوعها عمل فني ساخر له اهداف وأبعاد مختلفة.
الاعلام الجديد، أو ما يسمى بالإعلام الاجتماعي، عناوين براقة ومثيرة، صور مفبركة، تحليلات مرتزقة بغيضة، اعلام المغالطات القذر، روايات وقصص خيالية، تغريدات حاقدة، تنمر وايذاء واساءة، انتقام اباحي، العاب للإثارة والمتعة والخيال، افلام مدبلجة، معلومات مضللة، ابتزاز، اغتيال للشخصيات، تلاعب بالعقول، اعلام مأجور، اعلام العهر والعاهرات والمجون، اغتصاب للوعي، استخفاف بالعقول، اعلام التحريض والكراهية المنظم، اعلام التكسب وتحقيق الذات، اعلام المهووسين في حب الظهور، اعلام البحث عن الشهرة، اعلام التراشق والتلاسن والتناحر الاجتماعي، وغيرها الكثير من الصفات والاسماء التي يمكن أن تطلق على وصف الاعلام الجديد بوسائله الاجتماعية، والذي غالبا ما ينشط وينتعش عند كل حدث ازموي، حيث يجد المرتزقون ضالتهم لتسجيل المواقف والظهور الاعلامي ونشر العفن في المجتمع.
وفي المقابل نتائج مأساوية، حيث تدمير للعقول، قلق واضطراب، وشعور بالاكتئاب والعزلة، واضطراب لعادات النوم، وادمان يدمر الحياة الاجتماعية، وافساد للروابط الزوجية والاسرية، وإقامة علاقات جنسية محرمة، وتخبط في المشاعر، وسيطرة الاوهام والشكوك، وتدمير للنسيج المجتمعي، وهدم للقيم والأخلاق، وإثارة الفتن، ونشر للشائعات والاخبار الكاذبة، وحكايات حب وغرام تنتهي بالفضيحة والدم والعار، وارتكاب الجرائم على اختلاف انواعها، وغيرها الكثير مما يمكن أن يقال عن الآثار المدمرة لإعلام التواصل والتفاعل الاجتماعي.
وبين هذا وذاك، أجهزة اعلامية حكومية مازالت عاجزة عن المواجهة والتصدي، وتقف موقف المتفرج، سوى بعض المحاولات الخجولة التي لم ترق الى مستوى التحديات، واعلام تقليدي لا يقوى على فعل شيء، ويغرد بعضه خارج السرب، وتنقصه المهنية في الممارسة، ولا يوجد أجهزة فاعلة للرصد والتتبع تكون مهمتها سرعة الرد، وتحديد مصادر الاخبار والشائعات، ولم نجد إطلاق للبرامج التوعوية والتدريبية المخططة والمدرسة ذات الأهداف المحددة سوى بعض المبادرات والأنشطة الارتجالية التي تميل للفوضى والعشوائية اكثر من أن توصف بالعلمية والمنهجية، ولم نجد منصات اعلامية فاعلة وقادرة على التصدي والمجابهة، كما لم تقم الجهات المعنية بإنتاج ما يكفي من محتويات اعلامية ذات مستوى فني عالي قادر على المنافسة، ولم يجري تفعيل دور المؤسسات التربوية والتعليمية والاهلية في هذا الصدد، وبقيت الآمال معلقة الى حد كبير على التشريعات الناظمة لهذا النوع من الاعلام، في حين أن التشريعات وحدها لا تكفي، وانما واحدة من سلسلة حلقات في منظومة التصدي والمواجهة.