المرأة الأردنية كانت ولا تزال حالة فريدة تحمل طباعا خاصة،وتحمل بين طياتها البسيطة تفاصيل عظيمة، فذلك الحنان المتدفق الذي يحمل الدفء والأمان،تخالطه قوة إرادة وإصرار بكفاءة و اقتدار جعلت منها أيقونة متفردة في مسيرة العمل الوطني والإنساني.
لقد كانت المرأة الأردنية على مدار التاريخ شاهدا وصانعا لمجد هذا الوطن العظيم، ولا أظن أني ابالغ إن قلت،إن الجزء الأكبر من عظمة هذا الوطن قد استمده من روعة المرأة الأردنية، أما حنونا وزوجة وفية وأختا فاضلة وابنة تملأ الدنيا سعادة وبهجة، كانت المرأة على الدوام الرقم الأهم في المعادلة الوطنية،واللون الأكثر بهجة في لوحة الدولة الأردنية ا لرائعة.
ونحن بصدد بناء الأردن الحديث ،أردن المستقبل ،فإنه لزاما علينا أن نستعرض الماضي كي نستخلص منه الدروس والعبر ونبحث بتجرد الدروس المستفادة من أحداثه ووقائعه ،وحين نراجع تاريخنا بإمعان، فإننا نجد المرأة شريكا فاعلا في كل موضع فخر و عزة فـى تاريخ الوطن ، وبمرور قرن من الزمن كان الوطن يستمد جذوره الإنسانية وتميزه من تميز وتفرد المرأة الأردنية ،وقد كانت عظمة أردننا ترجمة حقيقية وواقعية لمكانة ودور المــرأة.
المرأة التي ساهمت في تاريخ هذا البلد ، و لعبت و لا زالت تلعب دورا من الأدوار المهمة في كافة أشكال التكوين البنائي للدولة الأردنية نظاما ً و شعبا .
إننا في الاتحاد النسائي الأردني العام نولي التقارير العالمية أهمية كبيره لمعرفة واقع المرأة الأردنية أين تقف ضمن التصنيفات العالمية وما هو التقدم المحرز لها عبر السنين .
تحقيق المساواة بين الجنسين والسعي لذلك في المملكة الأردنية الهاشمية كما هو مسعى في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى تمكين المرأة، إلى جانب الاعتراف بأعمال وإنجازات النساء، ولهذا تعمل المنظمات العالمية بما في ذلك الأمم المتحدة واليونسكو في تعزيز جميع مجالاتها لتحقيق المساواة بين الجنسين، حيث تمّ إصدار ميثاق الأمم المتحدة عام 1945م وهو أول اتفاق دولي يؤكد على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وقد ساهمت الأمم المتحدة بخلق إرث تاريخي من الاستراتيجيات والمعايير والأهداف المتفق عليها دولياً من أجل النهوض بوضع المرأة في جميع أنحاء العالم.
إن المرحلة الحالية التي تمر بها المملكة الأردنية الهاشمية تنطوي على تحديات جسيمة ورهانات كبرى تتطلب منا جميعا التحلي بالشجاعة لتجاوز العقبات التي ما تزال تحول دون تمكين المرأة من ممارسة حقوقها وأداء واجباتها في كنف المساواة والشراكة مع الرجل .
لذا كان من واجبنا في الاتحاد النسائي الأردني العام أن يكون لنا الدور الأكبر في تقديم كافة المساعي لتقليص الفجوة الجندرية التي تشكل العائق الأكبر دون تفعيل الدور المنشود للمرأة الأردنية بالشكل المطلوب في كافة المجالات و الذي يجعلنا نتقدم في التصنيفات العالمية بتسارع نجتاز فيه تأخرنا و نغادر ذيل القوائم العالمية جندريا ضد المرأة.
و هنا لا بد من الإشارة على سبيل الذكر و ليس الحصر مبتعدين عن الإنكار للدور الحكومي في تعزيز دور المرأة رغم وجودنا في ذيل القوائم العالمية ، وبناء على التوجيهات المباشرة والمستمرة لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين (حفظه الله ورعاه) للاهتمام بحقوق الإنسان وصون كرامته وتعزيز حرياته كمقدمة لجعل الأردن من أوائل دول الإقليم التي وضعت نصب عينيها تطوير منظومة شاملة متكاملة تُعنى بحقوق المرأة بشكل خاص والإنسان بشكل عام ضمن النهج الإصلاحي الذي التزم به الأردن منذ سنوات.
ويعتبر الاهتمام بحقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص من أهم الأمور التي يجب أن نهتم بها في هذا العصر،عصر الإصلاح والتغيير،وذلك لما له من انعكاسات هامة على الأسر والمجتمعات.
وقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 في المادة الثانية منه على حقوق الإنسان وأنه يحق لكل فرد التمتع بكل الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان بدون أي تمييز شاملا التمييز القائم على الجنس .
كما أن أحكام العهدين لعام 1966 ،العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ،والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والذي صادق عليهما الأردن وتم نشرهما في الجريدة الرسمية في عام 2006،جاء المبدأ العام بعدم التمييز ،إذ يتضمن كل من العهدين في المادة (3) منهما نصوصاً متماثلة تلزم الدول المصادقة عليها أن تضمن المساواة بين الجنسين في التمتع بجميع الحقوق المنصوص عليها .
كما أكدت مجموعة اتفاقيات منظمة العمل الدولية المعنية بحقوق العمل والتي انضم الأردن إلى سبع اتفاقيات على حقوق العمال وعدم التمييز على أساس الجنس ،أما اتفاقية الأمم المتحدة حول حقوق الطفل فهي تعتبر تسوية شاملة واتفاق ملزم دولياً بشأن حقوق الطفل ،وقد تم تعريف الطفل في هذه الاتفاقية بأنه " كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة. ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه . وقد شملت الاتفاقية الذكور والإناث وصادقت عليها الأردن وتم نشرها في الجريدة الرسمية عام 2006.
وبالنسبة للمواثيق الإقليمية فقد صدر عن مجلس جامعة الدول العربية عام 2004 الميثاق العربي لحقوق الإنسان وصادق عليه الأردن بتاريخ 24/10/2004 ودخل حيز النفاذ بتاريخ 15/5/2008 ،وكان لحقوق المرأة نصيباً فيه حيث جاء في المادة (3/3) "الرجل والمرأة متساويان في الكرامة الإنسانية والحقوق والواجبات في ظل التمييز الإيجابي الذي أقرته الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية الأخرى والتشريعات والمواثيق النافذة لصالح المرأة ". وتتعهد تبعاً لذلك كل دولة طرف باتخاذ كافة التدابير اللازمة لتأمين تكافؤ الفرص والمساواة الفعلية بين النساء والرجال في التمتع بجميع الحقوق الواردة في هذا الميثاق .