أشهدُ أنْ لا إله إلا الله و أشهدُ أنَّ محمداً رسول الله
إرمِ .. إرمِ .. انتهى )..
فقصَف َموقعَهُ بقرارٍ صعبٍ لا يتأتّى إلا للرجال الرجال .. لكنه تيقَّنَ أنّ العدو سيتمكّنُ منه و يستولي على خرائطِهِ و معلوماتِ جيشه ، فاتّخَذَ قرارَ الكرامة .. و ارْتَقَتْ روحُ خَضر شكري يعقوب _ضابط المدفعية_ إلى بارئها ليسجِّلَ له و للوطن و لأهلهِ و شعبه ِكرامةً نتغنى بها من بعده.. ، و مع روحِه ارتَقَتْ أرواحُ رفاقهِ عليهم من الله رحمةً و سلاماً ..
هذه الأيام نتفيَّأُ ظلالَ معركةِ الكرامه و نستذكرُ خَضر شكري و رفاقِهِ و نستذكرُ شعبنا الأردنيّ الذي أخرجَ ما في جيوبهِ لدعمِ جيشنا على الحدودِ يوم الكرامة ..
نستذكر ُحرائرَنا اللواتي كنَّ يَخْبِزْنَ في بيوتهنَّ لأبطالِ الكرامة ...نستذكر ُأولئك الأطفالِ اللذين حملوا على أكتافهم وبشلائلِ قمصانِهم خبزَ أمهاتهم وقوتَ بيوتِهم لجنودنا في الجبهة..
لقد آثرَ هؤلاء الأطفالِ و آثرْنَ تلكَ الحرائرُ خُبْزَ عيالِهِنّ على انفسهنَّ لجنودنا الأطهار ..
ما أروعها من صورةٍ !.. ما أروعها من أيامٍ تلكَ التي أفرغَ فيها الأردنيون دكاكينهم و حملوها على ظهورهم في أوديةِ البلقاءِ والكرامةِ لتشتدّ أعوادُ جنودِنا ويكملوا صنع الكرامة !..
إنّها ملحمةُ عزٍّ و فخرٍ تجلّتْ في أبهى صورها بين الشعبِّ و الجيشِ ،فالكلُّ صارَ جيشاً على طريقته .. الكلُّ للوطن .. نعم الكلُّ للوطن ..فانتصرَ الوطن و كانت الكرامة .
لا أكادُ أتخيّلُ هذه الأيام أنَّ الكلَّ يواجه حربَ ( كورونا ) و نجدُ قلةً من تجارِ المدائنِ اللذين ، يتاجرونَ بكراماتهم و يتغنّونَ بخيباتهم : يرفعون الأسعار تارةً ، و يحتكرون السِّلعَ تارةً أخرى ، و على عكس هذه الفئةِ نرى صورةً رائعةً لتجار ِالكرامةِ و ما أكثرهم دفعوا من جيوبهم في سبيل الوطن و باعوا سِلَعَهم بخسارةٍ أو وهبوها من أجلِ الوطن .
جنودُنا على الحدودِ و في المدنِ لحماية الوطن و لم يبقَ في بيوتهم إلا زوجاتهم و أطفالهم .
تصوَّر : إحداهنَّ تُرْسِلُ طفلها بدينارٍ ليبتاعَ من دكانٍ مجاورٍ كيلو خياراً وشيئاً من قوتٍ فيعودُ إليها فارغاً : أُمّاه : كيلو الخيار بدينارٍ و نصف لتردَّ عليه : سأتدبّرُ الأمر ،..لا تشترِ..، سأتدبّرُ الأمر !! .. وتكادُ لا تتدبَّرُ أمرَها فالقروشُ معدودةٌ وزوجُها جنديٌّ مرابطٌ هناك.. يصنعُ أمناً وأماناً برحمة الله...