توقف صخب الملاعب الإنجليزية بسبب تفشي فيروس كورونا حتى 30 أبريل المقبل على الأقل، لكنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل أو إلغاء كرة القدم الإنجليزية لفترة طويلة من الزمن بسبب عوامل خارجة عن إرادتها، إذ سبق وتوقفت مباريات الكرة الإنجليزية، بسبب الحروب أو ظروف الطقس أو إضرابات العمال.
وكان أول توقف لكرة القدم في إنجلترا أمراً ضرورياً وطويل الأمد، بعد إعلان بريطانيا الحرب ضد ألمانيا في 4 أغسطس 1914، وجاء القرار مثيراً للجدل، إذ قامت رياضات أخرى مثل الرجبي والكريكيت، بإلغاء مسابقاتها بسرعة، لكن اتحاد كرة القدم الإنجليزي، اتخذ قراراً مثيراً بالاستمرار في موسم 1914-1915، خوفاً من الآثار المالية المترتبة على الإلغاء.
ووقتها وحسب ما أشار موقع "بي بي سي"، سعت الحكومة الإنجليزية في البداية، إلى تعزيز شعبية كرة القدم، واعتبرتها مصدراً محتملاً وفيراً للمجندين، مع ملصقات موجهة نحو اللاعبين والمؤيدين لتشجيع الرجال على التسجيل في القوات المسلحة، ولكن مع خيبة الأمل بتراجع الأرقام، انقلبت الحكومة على كرة القدم بسرعة، واعتبرت أن استمرار لعب الكرة، إلهاء غير ضروري أضر المجهود الحربي.
وفي محاولة أخرى لدعوة اللاعبين للخدمة العسكرية، تم إنشاء كتيبة عسكرية باسم كرة القدم، ضمن فوج ميدلسكس في ديسمبر 1914، مما أدى في نهاية المطاف إلى توظيف المئات من المحترفين، وتبعتها كتيبة ثانية، ثم مع تدهور الدعم العام للعبة على مدار الموسم، وانخفاض الحضور والدخل بشكل كبير للأندية، لم يكن هناك بديلاً عن إيقاف الكرة في أبريل 1915، وظلت متوقفة طوال الحرب.
وظلت اللعبة خلال سنوات الحرب، قاصرة على الهواية، وازدادت شعبيتها لدى السيدات اللاتي بدأن في ممارستها، ونظمت بعض المباريات الودية بمشاركة الجنود، وأشهرها كانت المباراة الأسطورية في يوم عيد الميلاد عام 1914، بمشاركة بعض القوات المتحالفة والألمانية على الجبهة الغربية.
وبعد الحرب لم يعد الكثير من اللاعبين الذين ذهبوا للقتال إلى الملاعب، ولكن كان لابد من عودة الكرة لتعود معها الحياة الرياضية، ثم تجدد الإيقاف خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن هذا المرة صدر قرار الإيقاف سريعاً، وبعد مرور ثلاثة مباريات فقط من موسم 1939-1940، لأنه لم يكن لديهم خيار كبير وقتها، مع التهديد الواضح لهجمات من الجو، مما دفع الحكومة إلى تقييد السفر وإغلاق جميع الأماكن التي أدت إلى تجمعات جماهيرية، بما في ذلك الأماكن الرياضية.
وتم تخفيف الأمر في نهاية الحرب، بالسماح بمباريات تنافسية غير رسمية بين الأطراف الإقليمية فيما أطلق عليه وقتها دوري زمن الحرب، وبث بعضها على البي بي سي، اعترافًا بالدور الذي لعبته الرياضة في الصحة والرفاهية والمعنويات في البلاد، وهذا على عكس ما جرى في الحرب العالمية الأولى.
انتهت الحرب العالمية الثانية رسمياً في 2 سبتمبر 1945، وعاد دوري كرة القدم الإنجليزي لموسم 1946-1947، ولكن لسوء الحظ، وقف الطقس البريطاني، عائقاً أمام استمرار المنافسة عام 1947، إذ بعدما أفلست إنجلترا تقريباً من تكلفة خوض الحرب، واجهت أزمة وقود وبنية تحتية تحتاج إلى التحسين، وسعت الحكومة البريطانية إلى طرق لتحسين إنتاجية العمال، وتضمنت اقتراحاً بإنهاء المنافسات الرياضية في مارس من العام نفسه، بسبب فصل الشتاء القاسي، والثلوج الغزيرة والفيضانات.
ثم تكررت ظروف الطقس السئ موسم 1962-1963، والذي كان الأبرد في إنجلترا منذ عام 1740، وتعرضت إنجلترا وقتها لانجرافات ثلجية بطول 20 قدماً، مع تجميد الأنهار والبحيرات نتيجة لدرجات حرارة وصلت إلى -20، واضطرت أندية إنجليزية للسفر إلى دول دافئة للتدريب، مثل تشيلسي الذي سافر إلى لندن، وكوفنتري ومانشستر يونايتد، إلى ايرلندا، وافتتح هاليفاكس ملعبه للجمهور كحلبة تزلج، وعندما وصل الذوبان أخيراً في مارس، واجهت الفرق تراكم مباريات، وتم تمديد موسم الدوري لمدة شهر من تاريخ انتهائه العادي في نهاية أبريل 1963.