(الدولمينز) يسميها بعض الناس في الوقت الحاضر بالمناطير، وتعد من أسرار الانسان القديم وشاهدا على تطور الحياة البشرية منذ القدم، وهي طاولات حجرية ضخمة مكونة من الصخور الصوانية الكبيرة والتي تصل أبعادها (1,5-2-3) وتشكل ما يشبه الغرف الصغيرة، لم يترك الذين أنشؤوها نقشا أو علامة واحدة عليها، ظاهرة تستحق الوقوف عندها والتأمل فيها. منتشرة في العديد من مناطق الأردن لكنها متميزة بأشكالها وكثرة تواجدها على سفوح تلال قرى وبلدات محافظة اربد، فقد حملت العديد من التسميات المحلية فمنهم من أطلق عليها القلاع المتراكبة ومنهم من أسماها التصاريف ومنهم من أسماها أيضا بيت الغولة ومنهم من أطلق عليها اسم النصب التذكارية، ولا شك أن هذه التسميات لم تأت من فراغ فلا بد أنها تحمل قصصا وحكايات لدى السكان المحليين الذين نشأوا على هذه الأرض ووجدوها أمام أعينهم بهذه الوضعية التي لايعرفون أسرارها والغاية التي بنيت من أجلها، فمنهم من حلل وجودها بأنها عبارة عن إشارات للاتصال فيما بينهم ومنهم من قال بأنها أقيمت كمذابح خاصة يذبح عليها فوق الطاولة كشعائر دينية يتقربون بها إلى الله ومنهم من قال عنها بأنها مدافن وبعضهم ربطها بالديانات القديمة أمثال العالم الإنجليزي (رايت) الذي حاول ربطها بأناس ورد ذكرهم في التوراة أو ما يذكر بجيل العمالقة أو الزمزميين الذين تواجدوا في السعودية والأردن وغير ذلك من التكهنات والمقترحات حول وظيفة هذه الأنصاب الحجرية، لكننا بالتالي نقول بأنها لم تنشأ عبثا ولم يقدم الذين أنشؤوها على تركيبها بهذه الصورة دون سبب.
اهمال وتدمير
وبحسب العديد من المصادر فإن الأردن من أكثر المناطق تأثرا بهذه الظاهرة، علما بان تواجد الدولمنز في محيط حفرة الانهدام يبدأ من شمال سوريا حتى معان جنوب الأردن وان وجدت في مناطق أخرى مثل لبنان والسعودية والبحرين واليمن و تونس والجزائر وجنوب أفريقيا وكذلك بريطانيا، حيث اهتم البريطانيون بهذه النصب التي أطلقوا عليها ستون هينجز وعملوا قصة كبيرة من حقل صغير موجود هناك يدر عليهم دخلا عاليا من المال لقاء ما يجنونه من مرتاديه من السياح، وقد كان من ضمن أهم المواقع التاريخية المشهورة على مستوى العالم التي نافست بان تكون إحدى عجائب الدنيا السبعة لعام 2007. ينتشر العشرات منها شمال بلدة جحفية ولكن الزحف العمراني قد دمر العديد منها حيث أزيلت تماماً، ومن المرجح أنها استخدمت كقبور لجماعات بشرية كانت تهاجر من شمال المملكة إلى جنوبها وفلسطين في العصر البرونزي الدور الأول/الثاني، وقد انتشرت «الدولمنز» في مناطق مختلفة من الأردن مثل حقل داميا وحسبان واربد وقد دلت الحفريات التي أجريت أنها تعود «للعصر البرونزي المبكر الأول/الثاني» حوالي 2900 ق.م، تم أخذ بعض (الدولمن) من جحفية إلى كلية الآثار في جامعة اليرموك وقد تم إعادة تركيبها هناك للزائرين، كذلك في الجامعة الأردنية.
بيت الغولة
واوضح الباحث والفوتوغرافي عبد الرحيم العرجان أن الدولمن والتي يطلق عليها البعض مسمى (بيت الغولة أو بيت الجن ) هي بيوت جنائزية بنيت معظمها من أربعة حجارة ضخمة وعليها اشارات ذات علاقة بمواقع النجوم والكواكب، ويعتبر الاردن من اكثر دول العالم تواجدا لآثار الدولمن، مشيرا الى انه وبحسب دراسة عالم الآثار خيري ياسين ان حقول الدولمن تتواجد في مناطق كثيرة بالمملكة منها دامية، زرقاء ماعين والفيحاء والسخنة وحوفا وسويمة وبيرين وشارع الاردن والكمشة ودير علا وتل الاربعين وتليلات الغسول والمغطس والزارة وجرش وعجلون وكفر هام ودهام والجحفية وكفر يوبا، ومعظمها مكتمل وبقيت صامدة منذ العصور القديمة وتحتاج الى تهيئتها والمحافظة عليها.
على ضوء مبادرة حماية اثار الدولمنز التي اطلقها الفنان الفوتوغرافي عبدالرحيم العرجان منذ عشر سنوات بهدف حماية الاثار لموقع المريغات في محافظة مادبا بهدف التعريف بالاثار بعد ان استملكت ارض الموقع دائرة الاثار العامة بمساحة 300 دونم لتحويلها الى محمية دولمنز ووجهة سياحة جديدة ومن اهم مزاياها انها متكاملة ومخدومة بالطرق العامة وتبعد عن مدينة مادبا السياحة 15 دقيقة ضمن الطريق المؤدي الى بانوراما البحر الميت، لتكون منتجا جديدا لموقع ما قبل الحضارة ويعود الى العصر البرونزي 5000 عام.
ويتطلب تاهيل الموقع ايقاف الكسارتين العاملتين هناك الشمالية والجنوبية لما تنتجانه من تلوث بصري وبيئي وتشكيل خطورة لالياتها على مرتادي الطريق؛ ففي الصيف تصبح المنطقة مغبرة بشكل كبير، وعند تاهيل الموقع سوف يخلق فرص عمل جديدة لاهل المنطقة المجاورة لقرية ماعين وقرية الحجر المنصوب.