يعد معظم فقهاء القانون أن الفصل المطلق بين السلطات يتعارض مع وحدة السلطة في الدولة فالسلطات العامة في الدولة هي في الحقيقة جملة اختصاصات ترتد جميعًا إلى أصل واحد فسلطة الدولة تمثل وحدة لا تتجزأ غير أن للدولة وظائف ثلاث هي الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية والوظيفة القضائية وهذه الوظائف الثلاث يجب أن تُوزع على هيئات ثلاث غير أن تلك الهيئات عندما تباشر تلك الوظائف لا تباشرها باعتبارها سلطات منفصلة يمثل كل منها جانبًا من جوانب السيادة بل باعتبارها مجموعة من الاختصاصات تصدر من سلطة موحدة هي سلطة الدولة
وهذه الاختصاصات لا يمكن الفصل بينها فصلًا مطلقًا لكون هذه الاختصاصات جميعها تُمارَس لتحقيق الصالح العام ولكونها تتداخل مع بعضها الآخر لدرجة لا يمكن معها الفصل فصلًا مطلقًا ولأن السلطة التنفيذية هي السلطة التي تقوم بتنفيذ القوانين وبالأدوار والمسؤوليات التنفيذية كافة كان لا بد من وجود آليات تضمن رقابة البرلمان على أعمالها وكذلك لا بد من وجود جهة قضائية تضمن دستورية القوانين والمراسيم بحيث يسير عمل السلطات بشكل منسجم وفقًا لمبدأ سيادة القانون
يحتل مبدأ الفصل بين السلطات وما يتبعه من نوعية العلاقة خاصة المتعلقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية مكانة مهمة ضمن المبادئ التي تحكم النظام السياسي السائد لدولة ما حيث يؤدي إلى أنظمة مختلفة كتلك التي تميز الأنظمة البرلمانية القائمة على الفصل المرن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والتوازن الإيجابي بينهما أو تلك التي تختص بها الأنظمة الرئاسية المبنية على الفصل الجامد بين السلطتين والتوازن السلبي بينهما وأيًا كان شكل نظام الحكم فإن دور البرلمان يتجلى في أمرين هما سن القوانين والرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة وتأتي فكرة الرقابة البرلمانية من مبدأ سيادة الشعب وحق الشعب في الرقابة على أعمال أجهزة الدولة وإداراتها لكون البرلمان هو الجهة التي تمثل الشعب
ويمكن تعريف الرقابة البرلمانية بأنها سلطة تقصي الحقائق عن أعمال السلطة التنفيذية للكشف عن عدم التنفيذ السليم للقواعد العامة في الدولة وتقديم المسؤول عن ذلك للمساءلة وعلى ذلك فإن الرقابة البرلمانية تستهدف التحقق من مشروعية تصرفات السلطة التنفيذية وسلامة أعمالها ومراجعتها إن أخطأت أو قصرت ومحاسبتها ويمارس البرلمان أعمال الرقابة وفق القواعد الدستورية التي تحدد نطاق هذه الرقابة وأدواتها ونتائجها
و تكون رقابة البرلمان من خلال رقابته على الموازنة العامة التي هي أداة السلطة التنفيذية للقيام بمهامها هذه الرقابة تكون عادة على ثلاث مستويات أولها الرقابة قبل التنفيذ من خلال الرقابة على مشروع الموازنة وإقرارها والرقابة خلال التنفيذ من خلال آليات الرقابة البرلمانية والرقابة بعد التنفيذ من خلال ما يسمى بقانون قطع الحساب و من خلال وجوب عرض الميزانية عليه وإقرارها من قبل مجلس الامة، وكذلك ضرورة عرض الحسابات الختامية للسنة المالية على مجلس النواب ويتم قطع الحساب بقانون. ولكن من الناحية العملية فقد جرت العادة خلال العقود الماضية أن لا تعرض الحكومة الموازنة على مجلس النواب إلا بعد انتهاء السنة المالية رغم وجود نص دستوري يوجب تقديمها قبل شهرين على الأقل من بدء السنة المالية وذلك كصورة واضحة من صور استهتار الحكومة بمجلس النواب