توقد الشعور المستمر بالمواطنة عنصر أساسي للدولة ومن يعيش على أرضها ، والمواطنة تعني مجاميع من الحقوق والواجبات تترتب على وعضوية الفرد بشكل مباشر في مفاصل دولته ، وهي تجسيد راق لفكرة السيادة على منطقة جغرافية مع سكانها .
المواطنة ركيزتها العقل في السراء والضراء ، وهي الأساس في إحداث التوازن اللازم بين مكونات المجتمع ، لضمان الاستمرارية والتعافي بالرغم من وجود بعض الآلام والمنغصات .
تعد الأجهزة الأمنية بما فيها الجيش النواة الصلبة للدولة والنظام الاجتماعي ككل ، لأنها المسؤولة أخلاقية في المقام الأول من ضمان سيادة الدولة وحماية السلم الأهلي وترسيخ الشعور بالمواطنة . لا أحد ينكر أن الإحساس بالمواطنة شابه اعتلال عند كثيرين نتيجة بعض التشوهات في التشريعات والتعليمات ، الأمر الذي ولد عندهم شعور بأن شرعيتها أصبحت ظاهرية فقط ، وأن مفهوم الدولة أصابه بعض التشويش نتيجة سيطرة النخب التي أوجدتها مصالح قوي داخلية وخارجية هذا التصور انعكس بصورة أو بأخرى عند هؤلاء على فعالية مؤسسات الدولة الرسمية والأهلية وخلق إحساسا بالتهميش والاستبعاد ، وفاقم الأزمات الاقتصادية ، والفساد المؤسسي وارتفاع المديونية وغيرها ، في مقابل ذلك - ومن باب الانصاف - لم تكن الدولة الأردنية في مواجهة ذلك ونصف دولة ،، حيث حاولت جاهدة التصدي لكل هذه التحديات بشتى الطرق والمقاربات ، وأطلقت المبادرات وبرامج التحديث والدمج والمساءلة ، لاستيعاب قوى المجتمع المتململة والنخب الاجتماعية الأخرى للتقليل من معدلات هذا الشعور المحيط ، إلا أنه وبالرغم من ذلك بقيت حالة الانتقائية حيئة والتسويف حيئة أخر تطل برأسها ، مما أضاف لبنة أخرى في جدار التشويش المتشكل في ذهنية الحالمين والمتأملين . ما يهمنا هنا ، وفي خضم ما تشهده بلادنا من أحداث وتحديات ، وحرصا على إنجازاتنا ومواطنتنا يملي علينا واجبناء دعوة الجميع إلى استخدام أداة تقويم العقل المتمثلة بالحوار والصدع الصوت المنطق ، واحترام القانون وسيادة الدولة وقيادتها ، فنحن لا نريد تهيئة نظام معارضة مضاد ، يتغذى على العصبية ومصادرة الرأي الأخر داخل نسيج مجتمع مملكتنا العزيزة ، ولا نقبل أبدا أن تكون دولتنا نصف دولة ، لأننا إن قبلنا سنكون وقتها الخاسرين بكل تأكيد ، وسينجح بامتياز أصحاب القوة والنفوذ والمصالح والأجندات في تثبيت قواعدهم بشراسة ، وسيدفعون قدما باتجاه التصادم وشيوع الفوضى لأن ذلك يضمن لهم البقاء واستمرارية المصالح.