ودعت اليوم جماهير الاقرباء والأصدقاء والزملاء من القوات المسلحة الباسلة عاملين ومتقاعدين المرحوم اللواء الركن المتقاعد حاكم طافور الخريشا الى مثواه الأخير مجللا بالدعوات الصادقة من هذه الجموع الى العلي القدير ان يتغمده بواسع رحمته وان يتقبله القبول الحسن . وفي هذه المناسبة الحزينة تداعت لدي الذكريات مع الراحل الكريم ، فقد كان اللقاء الأول قبل ستة عقود كتلاميذ مرشحين بالكلية العسكرية الملكية ولمدة سنتين توطدت الصداقة وروح الزمالة ، لنتخرج بعدها ضباطا الى نفس الكتيبة وتستمر العلاقة الطيبة وتتطور بتطور المواقع القيادية ، سرايا وكتائب والوية لكلانا وفي نفس التشكيل الأكبر . واجهنا معا مختلف التحديات من حرب عام 1967 لمعركة الكرامة ، حرب الاستنزاف ، و شاركنا بفاعلية بوأد الفتنة عام ١٩٧٠ ، و لبينا النداء لنجدة الاخوة السوريين مع القوة الأردنية في الجولان عام 1973 وقد كوفئنا بالعديد من الاوسمة والنياشين يعلوها شارة جرحي الحرب .و استذكر بهذه المناسبة شهادة الجنرال ضياء الحق من الجيش الباكستاني الذي اصبح رئيسا للجمهورية الباكستانية الإسلامية فيما بعد ، فقد استعان الأردن بالخبرة العسكرية الباكستانية بعد هزيمة ١٩٦٧ حيث وصل الجنرال ضياء الحق ومعه عددا من الضباط للأردن للمساعدة في رفع كفاءة القوات المسلحة الأردنية وتعزيزها بالخبرة العسكرية الباكستانية ، حيث انتدبت للعمل معه مترجما لأفكاره والفريق المرافق له وتطبيقها ميدانيا على القطعات حيث كان يطلب سرايا وكتائب ميدانية لتطبيق هذه الأفكار والأساليب وقد اختيرت سرية المرحوم النقيب حاكم آنذاك للتطبيق لمدة 48 ساعة وفي النهاية يحضر عددا كبيرا من المشاهدين لهذه التطبيقات من مختلف الصفوف العسكرية و قد كانت شهادة الجنرال بالنقيب حاكم انه يذكره بقادة السرايا الهنود في الجيش البريطاني اثناء الحرب العالمية الثانية من حيث الإحاطة والمهارة الميدانية والفهم للمتطلبات العملياتية والإدارية والإنسانية والذين لم نرى منهم الكثير هذه الأيام . تقاعد المرحوم قبلي وعندما جاء دوري بالتقاعد اخترت ان يكون منزلي بجواره وهكذا لتستمر العلاقة التي ما انقطعت في يوم من الأيام ، و من مصادفات القدر اننا كنا بسيارة واحدة جنبا الى جنب ملبيين دعوة اللقاء بجلالة الملك المعظم الأخير مع نخبة من رجالات البادية الوسطى ، حيث تم فحصنا قبل الدخول لمكان الاجتماع ، فتبين ان المرحوم إيجابي الاختبار حيث اعفي من الدخول وعاد وتطور الداء اللعين وهكذا فقد حكمت المقادير ان أكون اخر من يلتقي بهم قبل ان تختطفه يد المنون ، فإلى جنات الخلد يا أبا محمد و إني على فقدك لمن المحزونين .