دحيلان دباه هو (جوجل الخرائط) الأردني , كان يعرف الحدود الشمالية والشرقية مثل كفه , تاهت الصحراء ودحيلان رفض أن يتوه فيها أبدا ...
كنا في طفولتنا نسمع عنه كثيرا , من الحويطات الذين قيل عنهم أن أنوفهم لكثرة ما بها من كبرياء , هو الهواء الذي يأتي إليها ..وتتعفف تلك الأنوف أن تطلبه , وقد خدم في الهجانة طوال عمره ...فقد التحق بها عام (1960) , وتنقل في كافة المراكز الحدودية ...
من خدموا في الجيش ,يعرفون دحيلان دباه جيدا ...يعرفون أنه الوحيد في سلاح الهجانة , الذي كان يحفظ المسالك والمسارب ...ويسري مع الجمل في الصباحات العذية يقرأ الحدود , ويقتفي الأثر ...وحين تسلم قيادة الواجهة الشمالية في سلاح الهجانة ..كان المهرب يكفيه أن يسمع بـ (طاري) دحيلان كي يعود من حيث أتى ..فلقد اشتبك معهم , وحاصرهم ...وأذاقهم ويلات الرصاص ...
حين أعيد قراءة بيت تيسير السبول : ( بدويا خطت الصحراء لاجدوى خطاه) , أجزم أنه كان يقصد العقيد المتقاعد دحيلان دباه , فلقد أمضى العمر فوق جمله ..يجوب الصحارى معتمرا شماغه الأحمر المهدب , لدرجة أن صيته قد ذاع بين البدو وفي صفوف العسكر ...
دحيلان ليس ليبراليا بل بدويا , كأن وجهه قد نسج من الرمل العذب النقي ...والعقال على رأسه كان يوحي بأنه سيد الصحراء بلا منازع , وقد كنا في طفولتنا نشعر بالشغف لسماع قصص دحيلان وحب الملك الراحل (الحسين) له , وحب البدو ...وكيف أن الأطفال أرادوا أن يكونوا مثله , وكيف هي الإبل (تنوخ) وحدها إن سمعت وقع خطاه ....وقصص مطاردته للمهربين , وقصص عثوره على من تاهوا في الصحراء , هو الوحيد الذي هزم التوهان ..وعرف سهيل وسرى مع ضوء الفجر يقتفي أثر القافلة ...
الأردن هو كف دحيلان , وشاربه ..هو الرتبة العسكرية التي ارتمت على كتفين من مرمر وعنبر ...هو عيون دحيلان , وهو فنجان القهوة التي عطرت فمه والشفاه ...الأردن هو أيضا أنوف عشيرة الحويطات التي انتمى لها (ابو فتحي) ...ولأن الكبرياء فيهم لا يتزحزح مثل صخور رم ...كانت العقبان تخجل أن تمر فوق رؤوسهم ..وتغير دربها لأن رؤوسهم كان أطول من تحليقها ...
وتسألني يا رفيق صباي ودربي ومدرستي لماذا كل هذا الهجوم عليهم ؟....لأنهم لا يعرفون دحيلان دباه يا رفيقي , لو كانوا يعرفونه ....لما وصلنا لكل هذا التوهان .