مثيرة للاستغراب متابعة بعض مايقال وما يكتب في بلدنا وحوله, لأن بعض أصحاب هذا الذي يكتب ويقال ينطلقون في تصوراتهم وكأن الأردن كيان تحت التأسيس, وفي مرحلة البلورة يبحث عن هوية ولون, متناسين أن الدولة الأردنية الحديثة تدخل مئويتها الثانية, كاقدم نظام سياسي معاصر في هذه المنطقة حافظ على قوته واستمراريته, لأنه قام على أسس متينة صار علينا أن نذكرهم بها, وأولها أن الدولة الأردنية قامت بقيادة الهاشميين كدولة دور ورسالة, وان هذا الدور وهذه الرسالة, هما مصدر قوتها, التي لا بد من حمايته, بعد أن حاول بعض الذين تسللوا إلى مواقع القرار, من بعض رجال المال إفقاد الأردن لدوره القومي ورسالته الإنسانية.
وأرتباطاً بالدور والرسالة لابد من القول: بأنهما ارتبطا بالإيمان بأن الهاشميين هم ملوك الأردن وأن الملك مصان دستورياً ومن ثم لا يجوز للسلطات أن تختبىء وراء جلالته لتبرير عجزها, كما لا يجوز تحميل جلالته أخطاء السلطات وإخفاقها, وهو الأمر الذي يقودنا إلى الأساس الثالث الذي قامت عليه الدولة الأردنية المعاصرة, وهو إن الشعب الأردني هو مصدر السلطات, وأن مؤسسات الدولة وجدت لخدمته, وتحقيق تطلعاته وأمنياته. وان مشاركة الأردنيين في رسم سياسات بلدهم, وتنفيذها هي حق من حقوقهم الأساسية.
ومن الأسس التي لابد من التذكير بها حقيقة أن الدولة الأردنية قامت على عصبيات لابد من الحفاظ عليها, وهي مبادىء الثورة العربية الكبرى, والقيادة الهاشمية والقوات المسلحة الأردنية والعشيرة كمؤسسة اجتماعية, وجميع هذه العصبيات تؤمن بإن الأردن جزء لا يتجزأ من أمته وقد قامت دولته الحديثة في ضمائر الأردنيين وخطابهم وتوجهاتهم, على أساس انها قاعدة للتحرر العربي ومقاومة كل المشاريع التي تتناقض مع العروبة والإسلام, فقد أسس الأردنيون دولتهم الحديثة على انها قاعدة لوحدة الأمة والعمل في سبيل تحقيق هذه الوحدة لذلك كانت السياسة والدبلوماسية الأردنية تنطلق من هذه القاعدة, والعمل على أساس ان العرب هما عمق الأردن وهويته. وان أي تكامل اقتصادي أو سياسي للأردن يجب ان يبنى على هذا الأساس.
وإنطلاقاً من أن الأردن دولة دور ورسالة لابد من التذكير بالأهداف التي وضعها جيل المؤسسين, من رموز العمل الوطني الأردني للدولة الأردنية وفهمهم لدور الدولة الأردنية الحديثة وطبيعتها, من خلال مراجعة أدبياتهم, وقرارات المؤتمرات الوطنية, وأدبيات الحركة الوطنية الأردنية وبياناتها ومذكراتها, لأن هذا التذكير يسهم في إيقاف أي إنحراف عن القواعد والأسس التي قامت عليها الدولة الأردنية, في ضمير أبناء شعبها, الذين نظروا إليها على انها قاعدة وحدة وتحرير, كما إن التأكيد على مطالب جيل المؤسسين, يعني أيضاً الاحتكام إلى تجربتنا الوطنية وعدم استيراد النماذج سواء في الموالاة أو المعارضة المطلوب منها التخلص من المزايدة في خطابها.
إن الحفاظ على هذه الأسس من شأنه أن يحفظ الأردن وأن يزيد من قوته ومنعته وتحقيق تطوره الطبيعي بقيادته الهاشمية.