تعود علينا الأعياد لتذكرنا بالفرح الذي يُنتزع من قلوبنا بفعل ظروف مختلفة قد تطرأ في حياتنا بسبب إخفاقات أو فشل او إحباطات تنغص علينا عيشتنا، أو بسبب الأذى الذي قد نتعرص له من آخرين بقصد أو بغير قصد، مما يعرقل تطورنا ويعيق نجاحنا ويضع العصي في الدولايب فلا تعود العجلة قادرة على استمراية الدوران لتحيق الطموح والهدف الذي نسعى لتحقيه في الحياة.. فالاعياد هي مدعاة لإسترجاع قيم ومعاني المحبة بين الناس ولا سيما المتخاصمين الذي ملأ قلوبهم الجفاء والكرهية والبغضاء والرغبة في الإنتقام وعدم السعي نحو المصالحة.
فالأعياد تبقى على الدوام مصدراً للفرح والمحبة. بهذه الكلمات "أنتم الفرح والمحبة" وجهت د. سهام الخفش صاحبة صالون سهام الخفش الثقافي وبلسان كثيرين تهنئتها بعيد الميلاد المجيد إلى القس سامر عازر وأسرته. فلماذا تكتب د. سهام هذه الكلمات؟ هل لمجرد المجاملة أو لمجرد صف كلمات كما إعتدنا في مجتمعاتنا التي قد تخلو أحيانا من المضمون والمحتوى.. شخصيا لا أعتقد ذلك، ولا داعي لمثل هذه الكلمات لو لم تكن صادرة من أعمق ثنايا القلب لتعبر حقيقة عما يجول ببالها لما لمسته من حياة تنبض بالفرح والمحبة ليعم الفرح وتسود المحبة في قلوب الناس، فنسجت هذه العبارة الرائعة "أنتم الفرح والمحبة".
نعم نحن الفرح عندما نُدخل الفرح إلى قلوب الآخرين وعندما نجمع الناس على ما يفرّح قلوبهم. فماذا أجمل من الفرح؟ ألم يفرح الرعاه لكل ما رأوه وسمعوه عن طفل الميلاد يسوع؟ الم تترنم ملائكة السماء فرحا بخبر بشارتها التي حملتها بولادة السيد المسيح؟ فالفرح السماوي هو إرادة الله القدوس لكل الناس ودورنا أن ننشر هذا الفرح رغم كل الظروف القاسية التي تجتاح الحياة وتنغص عيشتها. ورسالة الأديان السماوية أن تنشر عبق هذا الفرح لا رائحة الخوف والتعصب والطائفية والكراهية.
وأما عن المحبة، فنحن المحبة النابعة من عمق قلب الله، فالله محبة وكل أعماله صالحة وتنبض من قلب أبوي شمولي لا إقصائي، يريد الخير للجميع والسلام والبركة. ومن ملئت حياته المحبة يكون كمياه النبع المتفجّر من عمق الأرض ليسري بين الجبال والسهول يسقيها وينعش أرضها لتخضّر وتزهر بأجمل الأزهار وتعطي أطيب الثمار.
هكذا هي حياتنا نبع فرح ومحبة، فما قيمة الحياة لو ربحنا كل شيء وخلت من الفرح والمحبة. ويصعب إيجاد هذه القيمتين عند من تحجر قلبه وتعلقت حياته على اللهاث وراء سراب العالم المادي الذي يقدم أفخم الأشياء وأغلاها ثمنا ولكن لن يقدر أبدا أن يملئ القلب بالفرح الحقيقي والمحبة الحقيقية، بكل بساطة لأن هذين الأمرين هما نتيجة معادلة العطاء لا الأخذ، الغيرية لا الأنانية، السخاء لا البخل.
شكرا د. سهام لهذه المعايدة الرقيقة "أنتم الفرح والمحبة"، وأعيادنا في هذا الوطن كمسلمين ومسيحيين يجب أن تكون أعياد فرح ومحبة. عندها فقط نجسد المعاني الملكية السامية في الوئام والحياة المشتركة كمواطنين شركاء في بناء هذا الحمى العربي الأردني الهاشمي العظيم.