للأسف اذا أردنا أن نتحدث عن أي قضية تمس المرأة وحقوقها، أو نتناول إبداعات بعض النساء وإبراز إنجازاتهنّ وتفوقهنّ، نجد أن الجو العام قد انشحن أو ربما قد أشبه حدوث تماس كهربائي .
قي أكثر من موقف حاولت مرارًا أن أتحدث عن جمال بعض السيدات وأناقتهن أو لباقتهن ، أجد وجوه البعض بدا عليها ألوان قوس قزح رغم كمية الطراشة والدهان المستخدم في طلاء الوجه، إلّا أن الأشعة فوق الحمراء قد اخترقت كل الحواجز وبالتالي أظهرت جميع الألوان.
نحن مجتمع النسوة متهمات دائمًا بأن " المرأة هي عدوة المرأة " وليست المقولة شائعة في عالمنا العربي فقط ولكن في العالم ككل رغم تفاوت الكيفية والنسبة.
حاولت البحث والتقصي هل فعلًا المرأة هي عدوة المرأة، وأن لا عداء بين الرجال؟!.
في حقيقة الأمر لا يمكن إنكار أن العداوة بين الجنسين موجودة ولكن بين النساء العداوة أكبر، والنساء يتفوقن في التفنن بألوان العداوة. فعلى سبيل المثال العنف بين الكنة والحماة أكثر بكثير بين الكنة ووالد الزوج، ومعظم الضربات الموجعة للمرأة جاءت من امرأة أخرى. والأمثلة عديدة والدراسات العلمية تؤكد ذلك. ناهيك عن روايات البعض عن الغيرة المؤذية التي تنتاب النساء من أخريات حصلن على مكاسب كنّ يرغبن فيها.
أنا لست بصدد ضرب الأمثلة وعرض تجارب الآخرين؛ لأن الحديث لا ينتهي بهذه السرعة، لكن في هذا المقام أود القول بأن هذا العداء ربما يكون سببه هو المنافسة الذكورية؛ أي أن المرأة تصبح عدوة المرأة بسبب المجتمع الذكوري. المرأة تصبح فعلًا عدوة أختها المرأة في أي مجلس يكون فيه رجل يفرض مقاييس الجمال الأنثوية، -أي من صدرها أصغر ستكره من صدرها أكبر- وهكذا قس على بقية الأجزاء الأخرى.
كما أن للتربية التمييزية التي تنتهجها الأم تجاه ابنتها هي بمثابة تهيئة للتمييز والغبن، كذلك نظرة المرأة وثقتها بنفسها وبجسدها واحترامها لذاتها ، تلك العوامل مجتمعة تلعب دورًا حيويًا وهامًا لدعم هذه الفرضية.
هذه العبارة تؤثر على مسيرتنا وتقدمنا كمجتمع نسوي في الوقت الذي نطالب فيه بحقوقنا ووصولنا إلى مناصب قيادية وتمثيلنا لجميع مفاصل الحياة.
والسؤال الذي يراودني ما هذه الازدواجية والتناقض الذي نعيشه؟ وعن أية حقوق نتحدث في ظل هذا الاشتباك والثرثرة ؟
كيف يمكن للمرء أن يكون عدوًا لذاته؟ كيف يقتلن بعضهن البعض بنيران صديقة، وكيف لنا أن نحلص أنفسنا والمجتمع النسوي من هذه المقولة ، علينا نحن كمجتمع نسوي - دالّة صحة منطلقاتنا ودقّة وسائلنا. النساء منّا محتاجات، دائمًا وأبدًا إلى نظارات أوفر نفاذًا وإلى آذان أكثر "تلقّياً" وإلى استعدادات نفسية تجعلنا أقلّ انتقائية تسمح جميعها بأن نكون أكثر تعاطفًا مع النساء، من دون استثناء، اللواتي يصرّحن بأنهن مواضيع عداء من نساء. علينا السعي لجعل هذا العداء موضوعًا واقعيًا وفي نطاق السيطرة والمعالجة، لا حقيقة ذات أصول ثابتة تعصى على المواجهة والتعديل. واذا بقينا نعيش تحت وطأة هذه المقولة فإننا لم ولن ننهض .
سيدتي أنت يا سيدتي يا عدوة نفسك، يا أيتها العدوة الأزلية للمرأة هل تكرهن أنفسكن أيتها النسوة أم تنتقمن من أنفسكن؟ متى ومتى سنتخلص من هذا العداء المستحكم، ومتى سنتحرر من ذكورية المجتمع لنصنع لأنفسنا مجداً ، ونعزز دورنا في الحياة . انهضن أيتها النسوة وأمسكن بأيدي بعضكن البعض، لا أحد سيمد يد العون لنا أكثر منا.
تألقي سيدتي، وثقي بنفسك، لا يوجد أجمل منك، انهضي كي ننهض.