الصورة أصبحت واضحة تماماً.. كانت مجرد محاولة خبيثة من دولة الاحتلال الإسرائيلي لاغتيال حي الشيخ جراح معنوياً من خلال إيقاع الفلسطينيين في فخ الفتنة المنصوب لهم بغية كسر وحدتهم وزعزعة إيمانهم بجدوى صمودهم الأسطوري، في إطار المواجهات الشاملة التي تشهدها عموم فلسطين المحتلة.
لكنه فخُّ مكشوف للقاصي والداني وفي وضح النهار. جاء تنفيذه ببساطة من خلال اليسارِ الإسرائيلي الذي أنجبَ أشدَّ مجرمي الصهيونية ضراوة عبر تاريخ الاحتلال الإسرائيلي الذي ما لبث يمارس سياسة الفصل العنصري في أرضٍ احتلها بالحديد والنار. وهو قادرٌ أيضاً على تنفيذ الفكرة الشيطانية في هذا الشهر الفضيل الذي يشهد مواجهاتٍ مع الاحتلال الإسرائيلي في عموم فلسطين المحتلة من البحر إلى النهر، وبخاصة في القدس الشريف حيث يشهد المسجد الأقصى انتهاكات مستمرة، ويتعرض حي الشيخ جراح لمواجهات يومية لترحيل سكانه أو اغتيالهم معنوياً من خلال الجيش السيبراني الإسرائيلي كما هو الحال في فخ دعوة الإفطار المسمومة.
ويتلخص هذا الشَرَكْ المكشوف، في أنه تم تقديم دعوة لإفطار جماعي الأربعاء الماضي، يضم أهل الحي إلى جانب نشطاء أجانب من المناصرين لحقوق الفلسطينيين، لم يُعلن في طياتها بأنه من بين المدعوين يوجد إسرائيليون!! فكيف حضرت الإفطار إذن تلك الثلة المدسوسة من اليسار الإسرائيلي، وهم جزء من المنظومة السياسية الإسرائيلية الصهيونية!
ليتبين فيما بعد بأن الإسرائيليين شاركوا في الإفطار كأجانب وعرب دون أن يفصحوا عن هويتهم الإسرائيلية، وبعد ذلك انفض الجمع، وطويت تفاصيل هذه المناسبة وقلوب الناس تلهج بالدعاء إلى الله كي تتحرر فلسطين السليبة، ويُرَدُّ كيدُ الأعداءِ الصهاينةِ إلى نحورهم، ويحمي المسجد الأقصى من المتربصين به، وبيوتَهم المحتلة او المحاصرة في حي الشيخ جراح التي تنتهك في وضح النهار وبخاصة بيت الحاج نبيل الكرد الذي لبّى دعوة الإفطار وفي نيته السليمة أن المشاركين هم من فلسطينيي الحي ومناصرين أجانب اعتادوا على وجودهم بينهم أثناء المواجهات، دون أن يخطر بباله أن الشيطان الصهيوني قد وضع السم في الدسم، بغية اغتيالهم معنوياً وبخاصة عميد المناضلين في الحي، الحاج نبيل الكرد، والد الناشطيْن منى ومحمد الكرد، حيث أن عائلة الكرد صار لها صوتاً مسموعاً عالمياً على صعيد منظمات حقوق الإنسان والفضاء الرقمي في مجال الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وخاصة في حي الشيخ جراح، وأصبحت هذه العائلة المناضلة، التي تمثل جزءاً من مقاومة سكان الحيّ الصامد، تشكل خطراً على إسرائيل، ما استوجب من أجهزتها الأمنية والإعلامية وجيشها السيبراني التركيز عليها في هذا الفخ المنصوب؛ لأن اغتيالَ عميدِ مناضلي الحيِّ، الحاج نبيل الكرد، معنوياً، هو اغتيال لقضية الشيخ جراح وبذر الفتنة بين صفوف الفلسطينيين المدافعين عن حقوقهم المشروعة.
لقد تفاجأ أهل الحي بهذا الفخ الشيطاني، وأحسّوا بوقع الصدمة حينما نشر المشاركون المتسللون من اليسار الإسرائيلي في الإفطار المسموم صوراً للمناسبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر صورة المناضل الحاج نبيل الكرد وهو ضمن المدعوين المغبونين ما أغضب حي الشيخ جراح وأثار نقمتهم على منظمي هذا الإفطار المسموم الذي جمعهم بمغتصبي بيوتهم ما وضعهم في موقف حرج استرعى الرد عليه.
من جهتها، أصدرت "لجنة حي وحدات سكن الشيخ جراح (الشرقي)" بياناً توضيحياً رداً على مروجي تلك الصور التي التقطت لهذا الإفطار المسموم بينت فيه تفاصيل الخديعة، جاء فيه:
"توضيح
رداً على الاستفسارات والتساؤلات التي تصلنا حول الإفطار الرمضاني في الشيخ جراح.
أن حي الشيخ جراح يتضمن أكثر من حي، وهو أمر شرحناه مسبقاً، وكنا قد تطرقنا إلى أن لجنة الدفاع عن وحدات حي الشيخ جراح هي لجنة تمثل ٢٨ عائلة من كرم الجاعوني وهو الحي الشرقي للشيخ جراح.
وعليه يرجى العلم، بأننا في لجنة حي الشيخ جراح وأهالي حي الشيخ جراح الشرقي - كرم الجاعوني، لسنا المسؤولين عن تنظيم الإفطار الرمضاني الذي تمت اقامته الأربعاء الماضي ولم يكن على أرض كرم الجاعوني، وقد تمت دعوتنا كبقية المقدسيين دون علمنا بوجود إسرائيليين في المكان. وكمدعوين لا يمكننا معرفة أو التحكم بمن هو موجود أو لا.
من جهتنا، وبعد علمنا بوجودهم أي بعد الإفطار غادرنا المكان فوراً.
نرجو منكم ان تعلموا بأن الاحتلال الإسرائيلي يحاول تشويه صورتنا في عيونكم منذ مدة، حتى لا يتكرر هذا الدعم والوحدة التي حصلت العام الماضي. نتمنى من الجميع أن لا ينجروا خلف ترهات العنصرية والمناطقية ولغة التخوين، نحن أبناء شعب واحد والكل معرض للوقوع في فخاخ الاحتلال الإسرائيلي. شكراً لاستفساراتكم، تحيا فلسطين".
توقيع: "لجنة حي وحدات سكن الشيخ جراح (الشرقي)"- انتهى البيان.
بدرورنا نقول بأن جهود المتربصين الصهاينة وذبابهم الإلكتروني المنتشر في الفضاء الرقمي، ستصاب بالخيبة؛ لأن قضية الشيخ جراح أكبر من مؤامراتهم الفاشلة، وبوسع النشطاء تحويل خيبتهم إلى فرصة لوضع قضية الشيخ جراح في واجهة الحدث.. فأيقونةُ النضال الفلسطيني في الحيّ المنكوب، الحاج نبيل الكرد الذي تجاوز التسعين، وأبناؤه، وكلُّ المناضلين المقاومين في الحي المقدسيّ وعموم فلسطين التاريخية أكبر من مكائدهم الفاشلة المثيرة للفتن بين فئات شعب تجلّت قوتُهُ في وحدته .. والله مع الحق.