دأبنا في الأردن على نهج التعاضد والتكاتف كأسرة أردنية واحدة من شتى المنابت والأصول خصوصا في الخطوب والملمات مما يخفف من الألم ويعزي القلوب ويطيّب الخواطر فيعطي للنفس الكسيرة قوة بأن المَصاب هو مَصاب الجميع، فما يمكن مشاركةُ حملهِ يخِّفُ ثِقَلُه.
فكم بالأحرى عندما يبادر صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني إبن الحسين المعظم، الوصي الشرعي على المقدسات الإسلامية والمسيحية، بتقديم التعازي بنفسه بإتصال شخصي يعبر عمّا في قلب القائد الكبير من مشاعر وإهتمام ومتابعة حثيثة أكثر منه بروتوكولا رسميا أو تحركا ديبلوماسيا.
فقد كان لإتصال جلالته بشقيق شهيدة القدس وفلسطين طوني أبو عاقلة أصدق تعبير عن مشاعر جلالته والدولة الأردنية، ملكا وحكومة وشعبا بهذا المصاب الجلل لذي هزَّ ليس فقط مشاعر الفلسطينيين بل الأردنيين وكل العرب والعالم حول جريمة إغتيال الصحفية المبدعة واللامعة والخلوقة والإنسانة المتفانية بعملها لنقل معاناة الشعب الفلسطيني بالصوت والصورة للعالم أجمع إيمانا منها بأنها وإن لم تكن قادرة على تغيير الحال فإنها قادرة على نقل معاناة الناس عبر الميكرفون والشاشة للعالم أجمع ليهُّبَ لوضع حد لأطول إحتلال في العصر الحديث وللمعاناة التي دخلت كل بيت فلسطيني وكل أسرة، وإنهاء هذا الإحتلال عملا بالمبادرة العربية وقرارات الإمم المتحدة والشرعية الدولية بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران لعام ١٩٦٧ والقدس الشرقية عاصمة لها والإبقاء على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس والوصاية الهاشمية التاريخية والقانونية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها.
ولهذا، فالإتصال الملكي كل الدلالات والمعاني الإنسانية لمليكنا المعظم ولشجب جريمة الإغتيال هذه، ولإهتمام جلالته المباشر بالقضية المركزية قضية فلسطين التي تحتل سلم أولويات جلالته والدولة الأردنية، وضرورة إنهاء الإحتلال وإنهاء المعاناة وإحلال السلام العادل والشامل لتنعم المنطقة بالسلام والإستقرار وكذلك العالم أجمع لما تمثله فلسطين من قضية عادلة وجب حلها بالسلام القائم على الحق والمرتكز على العدل، وضمانة أن تبقى القدس عربية فلسطينية هاشمية للمحافظة على عروبتها وعلى الوضع التاريخي والقانوني القائم لحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها ولضمان حرية العبادة للجميع فيها.