يلتئم مجلس الأمة في مطلع دورته الثالثة للاستماع إلى خطاب العرش السامي والذي سيكون باكورة خير لعمل برلماني متميز يعكس الرؤى والتطلعات الملكية ويرتقي إلى مستوى التعاون المطلوب بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ويغادر مساحات الفردية إلى أفق الوطنية الرحب ضمن ضوابط الالتزام بمبدأ الفصل بين السلطات، وإعطاء الحكومة دورها في ممارسة مهامها دون ضغط أو استقواء.
خطاب العرش السامي يأتي بعد جملة من المتغيرات الوطنية؛ تعديل حكومي أسهم في تجويد الفريق الحكومي الجديد، ومجلس أعيان جديد يحاكي الرغبة الملكية بالتحديث والتطوير السياسي والاقتصادى والإداري، ويعيد صياغة الخطاب الوطني بما يتلاءم مع طبيعة المرحلة وحجم التحديات الداخلية والخارجية ويزيل حالة الجمود السياسي الذي رافق المرحلة الماضية برؤى ديناميكية جديدة تلجم صلف وفردية المحافظين الذين عجزوا عن تقديم مقاربة وطنية حقيقية بعيداً عن الإنشاء.
خطاب العرش سيكون فاتحة خير لرؤية اقتصادية واضحة وقرارات حازمة وجازمة، وانفتاح غير مسبوق في أفق الاستثمار بعيداُ عن مخاوف تراجع الأيرادات العامة في المرحلة الأولى، وبما يلجم أسباب التضخم ويخفف وطأة الفقر والبطالة، على أن يرافق ذلك تنفيذ الإصلاحات الإدارية التي تبنتها الحكومة بعزم لا يلين، وحوكمة الإجراءات والسياسات والقرارات والتشريعات بما يتواءم مع طبيعة الأصلاحات وحجم التحديات، وعدم الرضوخ لمطالب قيادات برلمانية لمطالب تقسيم اراضي وأملاك الدولة بما يسبب هذر المال العام.
الخطاب الملكي سيعالج بعمق موقف الأردن من القضية الفلسطينية وتحديات الصراع وسيأخذ بعين الاعتبار واقع وصول اليمين المتطرف إلى سدة الحكم في إسرائيل وانعكاسه على أفق الحل ومخاطر التهويد للقدس والمقدسات، وحساسية الموقف الإقليمي الذي ينعكس بقوة على ركائز الاقتصاد الوطني، ودون تناسي ضرورات التعاون الاقتصادى مع العراق وسوريا رغم التعقيدات الأمنية والسياسية التي تعتري هذا الملف وغيره؛وسيكون للجيش العربي الذي يلجم دعاة التطرف وعبث المليشيات الطائفية وصلفهما مساحات الحب من بوح القائد.
البوح الملكي لن يغادر مساحات الصراحة والوضوح في تشخيص الوضع الداخلي والإقليمي، ويضع البرلمان أمام مسؤولياته الوطنية في ضرورة العمل الجاد لترسيخ مفهوم الصمود الوطني، والارتقاء إلى ضوابط مصالح الدولة العليا وتحدياتها الجسام، وضرورات الفرز السياسي التي لم تعد تحتمل صمت النخبة السياسية بما فيهم أعيان الأمة ونوابها؛ فالإصلاح السياسي الذي رافقة وضع قانوني الانتخاب والأحزاب للوصول إلى الحكومات الحزبية البرامجية ذات الأغلبية البرلمانية ستكون فاتحة خير لاقتلاع القوى الراكدة التي لم تحسب يوماً سوى على مصالحها الخاصة وتطلعاتها الضيقة.
خطاب العرش السامي يتطلب من الجميع استلهام معانيه والعمل برؤاه؛ فحجم التحديات الداخلية والخارجية غير مسبوقة، وتوحد الأردنيين والتفافهم حول قيادة جلالة الملك، والحفاظ على وحدتنا الوطنية،وحرصنا الجاد على تفويت الفرصة على أعداء الوطن أينما كانوا هو وحده الكفيل بنهوضنا وتجاوز التحديات المقلقة التي تتجه صوبنا من كل مكان.
وحمى الله وطننا الحبيب وشعبنا المنتمي الأصيل وقيادتنا المظفّرة من كل سوء.