مبكرا كانت التوقعات بأن التضخم اي ارتفاع الاسعار قادم لا محالة وتحديدا مع بدء التعافي من وباء كورونا الى ان بدأت الحرب في اوكرانيا فأذكته.
طبعا مواجهة التضخم عادة ما تتم بادوات السياسة النقدية عبر رفع اسعار الفائدة وهي السياسة التي اتبعتها جميع البنوك المركزية في العالم والى جانبها تخفيض الانفاق بمعنى تقنين السيولة الموجهة الى الاسواق.
هذا الدواء ينفع بلا شك في حالة التضخم الناجم عن زيادة الطلب لكن التضخم في هذه الحالة هو ناجم عن ارتفاع التكاليف وتراجع المعروض خصوصا من السلع الغذائية لكن ارتفاع تكلفة الطاقة من اهم الاسباب.
ارتفع التضخم العالمي من 4,7٪ في 2021 إلى 8,8٪ في 2022 وتشير التوقعات الى انه سيتراجع لاحقا إلى 6,5٪ في 2023 و4,1٪ في 2024.
هذه التوقعات متغيرة لكن من غير المعروف ما إذا كانت نحو الاسوأ ام انها ستصيب ام انها ستتحقق.
ما يجعل هذه التوقعات متأرجحة هو تزايد الانفاق العسكري على حساب الانفاق التنموي والذي من المتوقع ان يتضاعف خلال السنة القادمة!.
لا تزال الادوات التي يعتمد عليها في مكافحة التضخم هي السياسة النقدية التي يتعين عليها أن تواصل العمل على استعادة استقرار الأسعار، وهو ما سيحملها ضغوطا اضافية مع ان الواجب فعله الى جانب ذلك هو تحقيق الوفرة في السلع الغذائية لتخفيض اسعارها، والخروج من الازمة الحالية وهي تراجع المعروض وارتفاع تكلفته.
حتى الآن لا يبدو أن السياسة المالية العامة تتجه نحو تخفيف الضغوط الناجمة عن تكلفة المعيشة لدعم جهود الحد من ارتفاع التضخم والحد من نقص الإمدادات.
محليا تشير التوقعات الى أن يبلغ معدل التضخم في خلال العام المقبل 3.8%، لكن لماذا قد يكون التضخم في الأردن اقل من المعدل العالمي؟..
هل هو لسبب التحوط المسبق خصوصا تحقق الوفرة في السلع الاساسية باسعارها قبل الفورة كما في حالة القمح! لكن الامر بالنسبة للطاقة كان مختلفا فقد تم تجميع النسب عبر تثبيت الاسعار لفترة ورفعها دفعة واحدة خلال وقت قصير وهو ما تسبب بصدمة للاسواق نجم عنها ارتفاع التكاليف والاسعار
الى مستويات أعلى بكثير مما كانت عليه.
لن يكون بامكان معدل النمو الحقيقي للعام 2023 والمتوقع ان يبلغ 2.7%' تأثير قوى في امتصاص اثار التضخم لان مستويات المعيشة مع هذه النسبة المتواضعة ستراوح مكانها.
طبعاً فرص حدوث تضخم جامح مرتبط بأمد الحرب الروسية الأوكرانية.. والتي حتى لو انها انتهت في العام المقبل فان اثارها ستمتد للعام باكمله وربما لسنة ٢٠٢٤.
توقعات التضخم لن تكون ثابتة وبقاؤه عند نسب قابلة للسيطرة ليس مؤكدا هل نحن على طريق مزيد من تفاقم التضخم واختناقات سلاسل التوريد؟.