مشهد في غاية الروعة والإبهار ، رسمته الإنتخابات التركية بشقيها الرئاسي والنيابي ، من خلال ممارسة ديمقراطية حقيقية ، ومشاركة شعبية فعلية من كافة فئات المجتمع بنسبة زادت عن ٨٨./. ، حيث أقر طرفي معادلة الحكم " حاكم ومحكوم " بأن الطريق الأقصر والأسلم والأفضل للحكم الرشيد ، وارتباط المسؤولية بالمسائلة يأتي عبر صناديق الإقتراع .
حزب العدالة والتنمية والرئيس طيب رجب أردوغان تسيدا الحكم في تركيا منذ أكثر من عشرين عاماً ، ولهم إنجازات وبصمات واضحة المعالم في أغلب المجالات ، ومن خلال تواجدهم على رأس مفاصل الدولة حيث صناعة القرار تحقق لتركيا نهضة إقتصادية وإجتماعية وسياسية يشار لها بالبنان ، وتعاظم دورها الإقليمي والدولي . قبل إستلام حزب العدالة والتنمية مقاليد الحكم ، كان المشهد السياسي التركي غارق في حالة من عدم الإستقرار ، ويعاني من صراع محموم للقوى السياسية المختلفة على السلطة مما كان له نتائج سلبيه وخيمة على الإدارة العامة للدولة ، ولقد وفرت تلك الظروف الغير طبيعية بيئة خصبة للجيش لتنفيذ إنقلابات عسكرية ، والتدخل الدائم في قرارات الحكم المدني بحجة الحفاظ على علمانية الدولة التي أرسى قواعدها كمال اتاتورك مع إعلان تركيا دولة جمهورية .
أردوغان من خلال أغلبية حزب العدالة وتحالفاته ، وثقة الناخب التركي بقيادته ، ووفق تعديلات دستورية شملت 18 مادة من الدستور ، استطاع إحداث تغيير جذري في بنية وشكل نظام الحكم من نظام برلماني قائم منذ تأسيس تركيا الحديثه إلى نظام رئاسي ، حيث سمحت تلك التعديلات بإلغاء منصب رئيس الحكومة وزيادة صلاحيات رئيس الجمهورية ، وكذلك تم إلغاء القانون العسكري الذي لطالمات لجأت الية القيادات العسكرية لتبرير تدخلها في السياسة الداخلية والخارجية والانقلاب على الحكومة إذا اقتضى الأمر " مراراً وتكراراً " وبحسب التعديلات أُخضعت المؤسسة العسكرية تحت رقابة الجهات المدنية ، وتم حصر مهامها في الدفاع عن البلاد بموجب قرار سياسي .
التحولات الجذرية الكبيرة التي أحدثها حزب التقدم والعدالة بقيادة أردوغان في جميع مناحي الحياة ، والأثر الإيجابي الملموس في تقدم مكانة تركيا وإزدهارها في أغلب المجالات بحسب مؤشرات القياس العالمية ، لم يكن سبباً مقنعاً لهم لأخذ البلاد رهينة نزولاً عند شهوة السلطة ورغباتها ، ولم يكن حافزاً لممارسة القمع والإقصاء القهري للمعارضة أو لمنافسين مفترضين حتى تبقى الساحة السياسية حكرا عليهم ، والطريق الى الرئاسة والبرلمان ممهدة لهم بنتائج تصيب المرء بالغثيان بنسبة 99.99./. كما كانت تفعل الأنظمة البائده .
كل مواطن تركي من الممكن أن يكون هو الفيصل وصاحب الصوت الحاسم في إختيار من هو الرئيس ، وهو الرافعة الأساسية ومحور الإهتمام في جعل كلا المرشحين للرئاسة والأحزاب المتنافسة من تجويد برامجهم الإنتخابية وتطبيقها على أرض الواقع في حال النجاح لأن " الحساب على البيدر " قادم .
أنظمة ديمقراطية تؤمن بأن الوصول إلى سدة الحكم يأتي عبر صناديق الإقتراع ، من خلال برامج تنموية محورها الإنسان وغايتها خدمة الاوطان ، لذلك لا تلجأ لهندسة النتائج ومصادرة الحريات .
حمى الله الأردن واحة أمن وأستقرار . و على أرضه ما يستحق الحياة .