مما أثار دهشتي في الرجل أنه كانت تعمل عنده خادمة أجنبية في البيت و كان يكرمها و يحترمها و يعطيها حقها لا بل أكثر والعجيب في الأمر و الغريب في السلوك أنه ما زال يرسل لها المساعدات رغم سفرها إلى بلادها منذ سنتين؛ لأنه شعر أنها فقيرة و لديها أولاد ، حيث يرسل لها مساعدة عند الإنجاب ايضاً وفق حديث عديله أبو عباده .
استندت لشهادات البعض في الكتابة عن الرجل وراعيت مخافة الله في الكتابة عنه من باب الموضوعية و النزاهة ؛ لإختلافي مع الرجل قبل سنوات بسبب سوء الظن خلال تغطية إعلامية قمت بها قبل سنوات طويلة فُسرت من قبل البعض بالخطا ، حيث أنه عندما لمحت له عن ذلك الموقف على الهاتف استغرب وقال :" لم يسبق لي أن زعلت احدا" وقتها ، اقتنعت أن الرجل لم يقصد في موقفه قبل سنوات طويلة ، وكان رده من باب العفوية ، خاصة أن الرجل لفت انتباهي ودهشتي و أنا أبحث مع المقربين في شخصيته و لا سيما كرمه و شهامته على أقربائه ممن يعرفهم من داخل الطفيلة و خارجها ، وأنا أكتب لكم في سيرة هذا المصلح الإجتماعي اكتشفت حقيقة مفادها أن (الرجال صناديق مقفلة )، فقد تغيرت نظرتي عن الرجل بُعد السماء عن الأرض عندما سمعت شهادات نساء و رجال بحق أبي فادي خاصة في مساعدته للفقراء من طرود الخير وغيرها وكرمه الكبير على أقربائه وآخرين .
لا أخفيكم سراً أنني تقصيت عن هذه الشخصية المذهلة منذ أكثر من أسبوع، باحثا في سيرته المخفية ، فسيرته العشائرية فيما يتعلق بجاهات الصلح والإصلاح بين الناس ظاهرة للعيان ونشاهده في أغلب الجاهات؛ كونه مشاركا فعالا، يكتب صكوك الصلح ، حيث حصلت على معلومات و أنا أتحرى سيرته الإجتماعية مثيرة للإعجاب .
قبل أن أتحدث معه على الهاتف اليوم قبل ساعات قليلة من نشر المقالة ؛ لكي أحصل منه على تواريخ سيرته التعليمية و العملية، فقد ذهلت في شخصيته الفريدة من كرم و شهامة وطيب المعشر و ساورني شعورٌ بالذنب لأنني ظلمت الرجل في موقفه معي قبل سنوات ، حيث تحدث لنا البعض عن شهامته وكرمه الوافر على القريب و البعيد و مواقف مشرفة سوف اتناولها في فقرات المقالة وبعضها الآخر سوف اتكتم عليها كونها بين الرجل وربه و لا نريد إحراجه ، حيث اخفيت عنه في الإتصال الهاتفي ما قيل عنه من كرم وشهامة لافت للأنظار حتى لا نشعره بالإحراج ؛ كوننا نريد أن نريد أن نذكر أن الخير موجودٌ في أمة محمد عليه السلام إلى يوم القيامة وأن تنتشر هذه الصفات الطيبة بين الناس .
فطوبى لك يا أبا فادي على هذه الخطوة المضيئة التي شعرت فيها بالفخر و أنا أكتب عنها نظراً لما قيل عنك من مواقف مشرفة نورت هذه الإنجازات بعطاء قل نظيره .
ولد المختار محمد العتايقة في مدينة الكرك عام (١٩٦١) ، و درس الصف الأول الإبتدائي عام (١٩٦٧) في مدرسة مجرا الإعدادية و فيها أتم دراسته الإبتدائية و الإعدادية حتى أنهى من المدرسة الثالث إعدادي(المترك) .
بعدها انتقل إلى مدرسة جعفر بن أبي طالب الثانوية في المزار الجنوبي، حيث درس مرحلة الأول ثانوي والثاني ثانوي .
و في عام (١٩٧٩) حصل على شهادة الثانوية العامة تخصص أدبي معدل مرتفع في ذلك الوقت ٧٢ بتقدير جيد جدا.
وفي عام (١٩٨١ ) ولغاية( ١٩٨٣) التحق في القوات المسلحة الأردنية (خدمة العلم) .
في عام (١٩٨٣) انتقل إلى لواء الطفيلة آنذاك والمثير للدهشة أن الرجل سرعان ما انسجم مع المجتمع المحلي ، مثلما كان تربطه علاقة وثيقة بمجتمع محافظة الكرك .
وفي نفس العام عام (١٩٨٣) تم تعيينه في مؤسسة الموانىء في العقبة قسم البواخر بمنصب رئيس كتبة .
في عام (١٩٨٤) تم تعيينه في شركة الأسمنت الأردنية ، حيث أستمر فيها لغاية عام (٢٠٠٧) و فيها أحيل على التقاعد بعد خدمة (٢٤ ) سنة .
في عام (٢٠١٢) وحتى هذا التاريخ تم انتخابه مختاراً لعشيرة العتايقة ، حيث عمل خلال تلك الفترة على لملمة الشمل ومشاركة أبناء العشيرة في أفراحهم واتراحهم كما يفعل مع أبناء العشائر الأخرى الذين تربطهم بأبي فادي علاقات وثيقة بحكم عمله التطوعي العشائري .
فهو عضو في ملتقى عفراء الثقافي وتجمع عشائر الطفيلة و نادي شباب الطفيلة و العديد من الجمعيات الخيرية والتعاونية أبرزها جمعية تلال الطفيلة ، و جمعية فرسان الطفيلة ،و جمعية نور للتعليم ، و لجنة عشائر الأردن واكاديمية السلام في ألمانيا.
كما أنه عضوُ في المجلس الأمني المحلي في الطفيلة ويشارك في كثير من المناسبات و الإجتماعات والندوات و هو عضوُ فعالُ في حضورها .
وصفه البعض بأنه رجلٌ حكيمٌ يستشار في الأمور الإجتماعية و العشائرية و يبدي رأيه المتزن بكل حكمة ودراية ، كيف لا وهو على خبرة واسعة في القانون العشائري ، فيما وصفه آخرون بكيس العقل، يتعمد إستخدام سيارته الخاصة في المشاركة في جاهات الإصلاح وغيرها .
و وصفه آخرون بسخي المال والكرم والطيب حتى أنه يتعمد إكرام المقربين منه بإلحاح شديد ، سديد الرأي ذات شخصية متزنة، مترفعة عن صغائر الأمور و سفاسفها ، فلا تثيره جعجة القوم و لا قلة حشمة من يحدثونه ، يلبي طلب الصغير و الكبير ، فلا يرد أحدا يطلبه و لا ينحاز لقريب ليخدمه ، يقف مع الجميع على مسافة واحدة، لا تغيره الظروف وأسودادها و لا تحبط من عزائمه نوائب الدهر و منغصات الحياه ، لا يفتر نشاطه و لا يخبت أنواره و لا يذبل نواره ، مضيئاً في عشيرته ، يعطف على الفقراء والمساكين و الأيتام و يعاملهم كمعاملة الأب الحنون لأبنائه و يشار له بأطراف البنان ، حيث تربطه علاقة وثيقة بعائلات خارج المحافظة وخاصة الكرك و هذا ما أدلى به آخرون لنا في البحث عن سيرته .
هو عملة نادرة ما احتوته سيرته من درر ، ومجوهرات، ولآلئ، فهو صعب عن بعد ، سهل عن قرب ، عندما تراه من بعد يعطيك احساسا بالقسوة ، وعندما تقترب منه يتدفق الحنان و العطف و اللطف منه ، و سهولة تلبية الطلب دون تمييز ، و يعطيك شعورا بهيبة هذه الشخصية و عظمتها ، ظاهرها توحي بصعوبة التعامل معها ، و في باطنها الرقة والدفء و اللين و الود حين التعامل معها .
يعتبره البعض بشخصية ذات خبرة كبيرة في المشاركة في جاهات إصلاح ذات البين وجاهات الزواج ، يعمل بصورة سرية على حل المشكلات بين الزوجين و التوفيق بينهما قبل أن تخرج للعلن ، لخبرته الواسعة في الأمور العشائرية ؛ كونه واحد من أبرز المشاركين في جاهات الصلح والزواج في الطفيلة وخارجها .
يتمتع بصيت ذائع في المشاركة في جاهات إصلاح ذات البين ، كونه مفوها ذا هيبة و وقار، يكتب صكوك الصلح العشائري وينتدب في الحديث في جاهات الزواج نيابة عن الجاهة ، تارة يعطي الموافقة على الزواج وتارة أخرى يطلب الموافقة على الزواج لطالب الزواج .
يصنفه البعض بقامة عشائرية وطنية إجتماعية تطوعية من النسق الفخم ، تجمع ما بين القيادة العشائرية و القيادة المجتمعية ، تميزت شخصيته بالمثابرة و الجهد في العمل العشائري ، من المستوى الرفيع للغاية ، يجيد في صيد جواهرها و يعسوبُ في رحيق معانيها و تنوع فروعها ، تميز بشخصيته الوطنية ذات البعد الإجتماعي و العشائري .
واخيرا ترفع القبعات للمختار أبي فادي احترامًا وتقديرًا ، فهو واحدٌ من الجيل الذهبي ، الناكرين للذات، من الزمن الجميل الذي يتميز برزانته و بريقه ، و مسيرة عطاء زاخرة بالإنجازات ، ومشوار حياة في العمل العشائري و التطوعي و الإجتماعي في الكرك و الطفيلة ، تاركاً سيرة عطرة، نتداولها في زماننا هذا الذي تغيرت فيه المسميات، أصبح فيه الكرم يقتصر على فئة محدودة من الناس و هذا العجب العجاب .
نسأل الله التوفيق لهذا الرجل و أن يحفظ المختار أبا فادي ، ويجزيه الله خيرا على ما قدمه لمحافظتي الطفيلة و الكرك خاصة والمحافظات الأخرى عامة من إرث حافل بالإنجازات من وإصلاح ذات البين وأعمال اجتماعية وخيرية و تطوعية سوف تبقى محفورة في ذاكرة الزمن و سوف تبقى سيرتك النقية المليئة بالتجارب الحياتية والخبرات العملية ، وإرثك من القيم والمثل النبيلة ، شاهدة على رجل من رجالات الطفيلة من الجنود المجهولين في الطفيلة وغيرها لخدمة أبناء الوطن و الإستمرار في العمل العشائري و جاهات الإصلاح بين الناس في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة المظفرة .