الناس صارت تنتظر أبو عبيدة , وأنا شخصيا من الناس الذي ينتظرون بياناته بشغف ...
من هو (ابو عبيدة) يا ترى ؟ شخصيا لا أعرفه وأتمنى لو يتاح لي شرف اللقاء به ..ولكن ما أعرفه عن (ابو عبيدة) ..أنه لا يعمل في مجال المشاريع الريادية , من المؤكّد أنه ما زال شابا ...وما أعرفه أيضا أنه ليس من الليبراليين الجدد , ولا يعتبر من تيار (الكتنوقراط) ..ولا يأكل (ستيك ويل دن ) بمعنى : كامل الإستواء .
أبو عبيدة أيضا , لايمتلك دراجة نارية نوع (هارلي) ويذهب بها إلى البحر في أيام العطل , هو أيضا لا ينافس على مواقع متقدّمة في الشركات الريادية التي تعمل عبر البحار , ولها فروع في (السيلكون فالي) ....
هل يعرف أبو عبيدة معنى (الجندر) ؟ ..هل اطلع على برامج تمكين المرأة ؟ ..هل قرأ عن اتفاقية (سيداو) ..لا أظن ذلك , ومن المؤكّد أن (ابو عبيدة ) أيضا - وهذه معلومة مهمة - لايذهب للجيم ويرتدي ساعة فاخرة للتأكّد من كمية السعرات الحرارية التي حرقها ...
في عالم (ابو عبيدة) لايوجد أخبار عائلية يسمعها في المساء من (الماما) , تؤكد أن (خالتو تمارا) ستأتي هذا الصيف من فرنسا , وعمتو (سوزي) قررت عمل (تاتو ) على الكتف الأيسر ...وأن العائلة احترمت رغبة الإبن الأصغر بالهجرة إلى كندا , للعمل في مجال الأزياء ..
أبو عبيدة ..أظنه يحفظ القران كاملا عن ظهر قلب , وشارك في حفر نفق طوله (7) كيلو , وهو يقّبل يد أمه في الصباح , وأقصى طموحاته أن يأخذ والدته للحج ويطوف بها الحرم , أبو عبيدة يجيد تركيب الصواريخ، فقد عمل في الوحدة التي أطلقت على إسرائيل مئات منها ...وهو يجيد أيضا تفكيك القذائف التي لم تنفجر , وأظنه تخرّج من الجامعة الإسلامية في غزة بتقدير جيد جدا ..وأظنه عمل من أجل التمويه على وظيفته الرسمية كناطق باسم كتائب القسام , عمل كفني تبريد وتكيف , وعمل أيضا صيّادا في البحر ..وعمل أيضا على بناء أعلى برج من الكرامة والشرف والشموخ كي يزيّن به غزة .
لو تقدّم (ابو عبيدة ) للعمل في شركة ماذا سيكتب في (السي . في ) الخاص به , هل سيكتب أنه أخذ دورة في القصف المكثّف , هل سيكتب أنه أيضا تلقّى دورات في الاقتحام ..ومارس عمليات نوعية في ذلك ...هل سيكتب في (السي. في ) الخاص به أيضا أنه اجتاز بكالوريس الضمير العربي بامتياز ،وتحصّل على ماجستير في الفداء , وكتب رسالة دكتوراة في التاريخ البطولي..وتمريغ وجه إسرائيل في التراب .
أبو عبيدة ..من مخيمات غزة خرج , عاش على الموائد التي يفرش تحتها ورق الجرائد ...والأواني البلاستيكية الصغيرة , والدقّة الغزاوية ...والرضا التام , ومشى في شوارع المخيمات ..وكان أعلى طموحاته في الصبا ..أن يمتلك (سكوتر) كي يذهب بها للعمل , كان أقصى طموح له أيضا أن يأخ.