ما هي فضائل شرب ماء زمزم يعدّ الشّرب من ماء زمزم من الأمور المُستحبّ فعلها للحاجّ والمعتمر، وللمسلم في كلّ أحواله، وذلك لما يتمتّع به من الخصائص والفوائد الكثيرة، ومن هذه الفضائل: جُعل ماء زمزم لِما شُرب له، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ماءُ زمزمَ لما شُربَ له)؛ أي أنّ هذا الماء إن شُرِب لأيِّ حاجة كانت، سواءً كانت حاجة دنيوية أو أخروية، فإنّها تتحقّق بإذن الله -تعالى-، وقد أثبت ذلك الكثير من العلماء عندما شربوه لحاجة معيّنةٍ وتحقّقت، فكان منهم من يشربه بنيّة الإعانة على رواية الأحاديث، وغير ذلك.
جعل الله -تعالى- ماء زمزم طعاماً وشراباً للسيّدة هاجر وابنها إسماعيل -عليه السّلام-، وذلك عندما تركها زوجها إبراهيم -عليه السّلام- وحدها في مكّة المكّرمة، وهذا يدلّ على أنّ الشّرب من زمزم يُغني عن الطّعام ويُشعر بالشّبع؛ لما فيه من البركات عظيمة، ولذلك كان العرب في الجاهليّة يسمّونها "شُباعة"، وكانوا يتسابقون عليها لسُقيا عِيالهم منها، كما أنّه رُوي عن الصّحابي أبي ذر الغفاري أنّه أقام في مكّة المكرمة شهراً كاملاً وليس عنده ما يقتات به من طعامٍ ولا شرابٍ إلّا زمزم.
عدّ الله -تعالى- هذا الماء من أنفس المياه وأفضلها حتّى من نهر الكوثر في قولٍ لسراج الدين البلقيني -رحمه الله-، ولذلك غسَلت الملائكة قلب النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو صغير بماء زمزم؛ ليُطهّر به قلبه، وليتمكّن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- من رؤية ملكوت السّماوات والأرض، وقد ورد ذلك في حديثٍ صحيحٍ عن النبيّ.
وُصفت ماء زمزم بأوصافٍ كثيرة بالإضافة إلى وصفها بشُباعة، وهذه الأوصاف كلّها تُبيّن خصائصها وفضلها، فقد وُصفت بأنّها "مُروِية"؛ أي أنّها تُذهب العطش وتقمعه، ومنافعها كثيرة، ووُصفت بكونها "عافية وشفاء سقمٍ"؛ أي أنّ شرب ماء زمزم جعل الله -تعالى- فيه شفاءً من الأسقام والأوجاع، وشاربها تستردّ له عافيته وصحّته بإذن الله كما ورد في الحديث السابق، وسمّيت أيضاً "بالميمونة"؛ أي المُباركة، وهي "بَرّة"؛ لأنّ شاربها يُصبح من أصحاب البرّ والإحسان.
كما أنّها "مضنونة"؛ أي نفيسة وغالية، ولشدّة ذلك منع الله -تعالى- قبيلة من العرب تُدعى جُرهم أن يشربوا منها؛ لأنّهم كانوا يعصون الله -تعالى- في حرم الكعبة المشرّفة، كما أنّها كافية لكلّ من يشربها، وعذوبتها ليس لها مثيل، وتسمّى أيضاً "بهزمة جبريل"؛ وذلك لأنّ جبريل -عليه السّلام- ضرب الأرض ليَخرج هذا الماء الطّاهر من منبعه.
آداب شرب
ماء زمزم يُستحبّ لمن يشرب من ماء زمزم أن يفعل جملةً من الآداب كان يفعلها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، والتزم بها -عليه الصلاة والسلام- والصّحابة والتّابعين، ومنها:
استقبال القِبلة باتّجاة الكعبة المشرّفة.
التّسمية عند الشرب وذِكر اسم الله -تعالى-.
التّنفس ثلاث مرّات أثناء شرب ماء زمزم؛ أي أن يكون الشّرب على ثلاث دُفعات، ويستحبّ النّظر إلى الكعبة في كلّ مرةٍ يتنفّس فيها الشارب إن كان في الحجّ أو العمرة.
التّضلّع من ماء زمزم، والمقصود به أن يمتلئ بطن من يشرب منها، حتّى يمتدّ الماء إلى أضلاعه، ويشعر الشّارب بالشّبع والارتواء منه، قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (آيةُ ما بَيْنَنَا و بينَ المنافقِينَ أنَّهُمْ لا يتضلعُونَ مِن زمزمَ).
الجلوس وقت الشّرب؛ لأنّ شرب المسلم واقفاً منهيّ عنه في سائر الشّراب، ولكن رُوي أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شَرِب من زمزم وهو واقف، وهو على الرّاحلة أيضاً، فيكون الأمر محمولٌ على الاستحباب.
حمد الله -تعالى- وشكره بعد الفراغ من الشّرب، كما يفعل المسلم عند الانتهاء من أيِّ طعام أو شراب.
الإكثار من الدّعاء عند شرب ماء زمزم، ويكون الدّعاء بأمور الدّنيا والآخرة؛ كأن يدعو المسلم بعد شربه منها بالشّفاء، أو الرّزق، أو غيره، ولا يجوز أن يكون الدّعاء بأمرٍ محرّم، ويُستحبّ قول الدّعاء الذي ورد عن الصّحابي عبد الله بن عبّاس -رضي الله عنه- بعد أن شرب من زمزم، وهو: "اللهمّ إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كلّ داء".
ويُستحبّ للمسلم أن يقول وهو يشرب: "اللّهم إنّه قد بلغني عن نبيّك محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: "ماء زمزم لما شُرب له"، اللّهم فإنّي أشربه من أجل كذا -ويُسمّي حاجته-، اللهمّ فافعل ذلك بفضلك".
سبب تسميتها زمزم إنّ زمزم هي بئرٌ تنبع في داخل بيت الله الحرام، وتبعد عن الكعبة الشّريفة ثمانية وثلاثين ذراعاً، وقد تعدّدت أقوال العلماء حول تسمية ماء زمزم بهذا الاسم، ومن هذه الأسباب ما يأتي: لأنّ كلمة زمزم اسمٌ مشتقّ، فيُقال في اللّغة زمزم وزمزام وزمزوم عندما يكثُر الماء، فسُمِّيت زمزم بذلك؛ لأنّ الماء فيها كثير لا ينفد، وقال بعضهم إنّ زمزم اسمٌ غير مشتقّ. نسبةً لزمّ السيدة هاجر للماء عندما انفجر من الأرض، فكانت تضمّه بيديها. نسبةً إلى صوت جبريل -عليه السّلام- عندما ضرب بجناحه الأرض؛ ليُخرِج الماء من منبعه. لأنّ الزمزمة تُطلق عند العرب على الكثرة والغلبة، وهو من صفات ماء زمزم. لأنّها زمّت بالتّراب، وامتنعت به، فلا تنتشر يميناً ولا شمالاً، لأنّها لو تُركت مستمرة بانتشارها لملأت أركان الأرض. نسبةً إلى صوت الماء عند خروجه من النّبع؛ إذ يُسمّى زمزمة. لأنّ الفرس كانت منذ القدم تَرِد إليها لتشرب، فيخرج صوت من خياشيمها عند الشّرب، وهذا الصوت يُدعى بالزّمزمة.