رغم أن الحديث يعلو حول طلب دولة الاحتلال من مصر وقطر البدء في التفاوض من أجل هدنة مؤقتة، ولكن جيش الاحتلال يوسّع رقعة المناطق المستهدفة بغارات الطيران وقصف المدفعية على مدينة غزة وشمالها، وأيضًا في المنطقة الوسطى وخانيونس ورفح. حيث تُفجع العائلات يوميًا بفقدان أطفالها ونسائها ورجالها المرّة تلو الأخرى، ليرتفع عدد الشهيدات والشهداء لما يتجاوز ثمانية عشر ألفا وسبعمائة وسبعون، عدا عن آلاف المفقودات والمفقودين تحت الأنقاض، هذا بالإضافة إلى واحدٍ وخمسين ألف جريح، وتدمير نحو ثمانين بالمائة من المباني والبنية التحتية.
وبالرغم من التبرير المفضوح لاستخدام جيش الاحتلال النازي للأسلحة المحرّمة دوليًا، بالادعاء بأنه يقضي على رجال المقاومة، إلا أن عملياته العسكرية جميعها تنطوي على الاستهداف المباشر للمدارس والمستشفيات والمباني التي يحتمي بداخلها النازحات والنازحون المدنيّون، ويحدث ذلك على مرأى ومسمع دول العالم.
وبالرغم من استغاثة أهالي الضحايا وهم يصرخون بمطالبة أصحاب الضمائر الحية إنقاذهم، حيث اختلطت دماء الشهداء والشهيدات بمياه المطر لتسيل أنهارٌ حمراء في ممرّات مركز الإيواء، غير أنّ الأنظمة العربية والدولية ما زالت تدعم سياسات الاحتلال الإسرائيلي ولا تنبس ببنت شفة لإدانة هذا العدوان.
ولم يسمع أحد صراخ الضحايا واستطاعت أمريكا بجرّة قلم استخدام الفيتو (حق الاعتراض) لإسقاط أية محاولة لمطالبة دولة الاحتلال بإيقاف هذا العدوان.
يوميًا، هناك قصصٌ وروايات عن أمٍّ أو زوجة او ابنة مكلومة بسبب فقدان الأحبة، وكيف فقدن أحبتهن أمام أعينهن ولا يستطعن حتى البكاء لأنهن انشغلن بالبحث عمن بقوا أحياء.
وهناك قصصٌ عن النساء اللواتي يبحثن عن طحين لعمل بعض أرغفة الخبز لأطفالهن دون جدوى، أو من يبحثن عن جالون مياه للشرب أو حتى للاستخدام، وقصص من لا يملكن ثيابًا لأطفالهن أو لهن، كل ذلك يتم توثيقه بالصوت والصورة على شاشات التلفزة، دون أن تلقى هذه الروايات صدى لوقف هذا العدوان وبشكلٍ فوريّ.
لا أدري كم من الوقت يمكن لأهالي غزة وشمالها خصوصًا، ولأهالي بقيّة قطاع غزّة أيضًا الصمود قبل أن يفتك بهنّ وبهم الجوع والعطش والمرض. ولا أدري كم من الوقت يحتاج المجتمع الدولي للإفاقة من سباته ليوقِف هذا العدوان. ولا أدري هل سيكون هناك أيّة اتفاقات تتيح لنا تنفّس الصعداء قليلًا قبل أيّ جولة جديدة من ويلات هذا العدوان.
ولكنني أدري جيدًا أن إرادة الحياة ستدفع الشعب إلى الصبر كي يظلّ ينبض بالحياة والأمل.