رغم تعرض الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لحرب بشعة تشنها قوات الاحتلال ومعها الولايات المتحدة، حيث بلغ العدوان مداه بالتكبر والتجبر، والإمعان في القتل وإراقة الدماء وانتهاك كافة حرمات البشر من الأطفال والنساء والمرضى والمصابين، إلا أن إسرائيل تتلقى هزيمة استراتيجية بامتياز، وبايدن يتلقى ضربة قاسمة.
نقول هذا في ظل عجز الولايات المتحدة عن إيجاد صيغة للحل، وهى أقوى دولة في العالم، وهى التى لا تخفى تخوفها من اتساع دائرة الحرب وتتعرض لضغوط محلية ودولية تهدد مصالحها ونفوذها، وهو ما أدى إلى تخبط الإدارة الأمريكية وتناقض سياساتها، والانقسام والشقاق الإسرائيلى التي يشتد يوميا في مجلس الحرب الإسرائيلي وداخل المجتمع الإسرائيلي، خلاف الهجرة العكسية الإسرائيلية في ظل هجرة قرابة مائة ألف مستوطن من الشمال الإسرائيلي التواترت والاشتباكات العسكرية مع حزب الله، وخلو مستوطنات غلاف غزة بأكملها والحديث عن هجرة أكثر من مليون ونصف إسرائيلى ما يدفع أن هناك حالة من القلق والخوف والرعب والانهيار للكيان رغم القصف والعدوان المستمر.
وأيا كان الأمر، فالحقيقة المؤكدة أن محور "روسيا والصين وإيران" يترقب هزيمة إسرائيل ومعها الولايات المتحدة في الحرب على غزة ليس تضامنا مع الفلسطينيين لكن من أجل مصالحهم، لأنه ببساطة فشل الولايات المتحدة في أوكرانيا وفشلها في دعم إسرائيل في غزة يعنى أنها ستفكر كثيرا في ما يخص قضية تايوان ويعطل أيضا خططها فيما يخص مشروع خط التجارة الهندى الموازى لطريق الحرير الصينى.
وبغض النظر عن موقف إسرائيل، إلا أن ما يحدث فى غزة ومن صمود المقاومة والشعب الفلسطينى من شأنه أن يعمق الشرخ والانقسام بين أفراد مجتمع الكيان المحتل حتى بعد انتهاء الحرب، مما سيضعفه أكثر، ويفقده الهيبة والرهبة في محيطه الإقليمي، وبالتالي افتقاد اسرائيل لـقوة الردع التي لا طالما كانت تعتمد عليها كثيرا يمثل أخطر أنواع الهزيمة الإستراتيجية، لذلك تخشى الولايات المتحدة أن يؤدي اصطفافها مع إسرائيل إلى جذب القوى الدولية المنافسة لها، مثل الصين وروسيا، بشكل أكبر وأعمق إلى الشرق الأوسط، على حساب النفوذ والهيمنة الأمريكية.