منطق غريب قد لا نجده إلا في الأردن أن يخترع البعض منا اتهامات وافتراءات وأوصافا لأي أردني يدافع عن الأردن، أو يعلن إيمانه بهذا البلد أو يتحدث بإيجابية عن الأردن ومساره وتوجهاته، وهذا الأمر تحول بفعل تعدد المراحل إلى حالة خجل أو خوف داخل بعضنا، إذا قرروا الحديث عن بلدهم أو قيادتهم أو يدافعون عن مواقف الأردن في أي قضية، وكأن من يؤمن بالأردن ويجد فيه مواطن خير ومواقف مشرفة ورجالا مخلصين إنسان غريب، ويتحول بفعل ظاهرة إطلاق الاتهامات وكأنه منافق أو كما يقول البعض سحيج، فهل من يدافع عن بلده ويؤمن بالخير الذي فيه ويفتخر بهويته وأرضه وجيشه منافق؟
والغريب أن بعض من يطلقون الاتهامات مسرفون في إطلاق المدائح بحق دول وتنظيمات وأحزاب ومواقف في كل أنحاء العالم، جهات يكشف الزمن أن من حصدوا المديح وألقاب الشرف والوطنية وخدمة الدين وفلسطين ليسوا أكثر من جهات تبحث عن مصالحها، وأنها في المراحل الجادة مثل العدوان على غزة مثلا ليس لديهم شيء مختلف، بل هم عكس كل شعاراتهم ومهرجاناتهم وخطاباتهم .
من واجبنا أن نتضامن مع قضايا أمتنا وأن نقف مع كل مظلوم، وواجبنا أن نقدم ما نستطيع، لكن هذا لا يعني أن نتنكر لبلدنا وأن يكون همنا كما يفعل البعض أن نرسم صورة شيطانية لهذا البلد وأهله، وأن تكون الوطنية تعني شتم الأردن وشتم كل من يدافع عنه وكل من يؤمن به.
الميزان العدل أن الوطني هو من ينتمي لبلده ويقدم لأهله ويدافع عن مصالح وطنه ويعتز بتاريخه ويقدر من قدموا عبر مسيرته، وهذا المنطق يفترض أن تجده عند من يعارض بعض السياسات أو يقبلها، لكن أن يكون من يتصيد لبلده ويشتم ويتهم ويسيء هو الوطني وغيره منافقون، فهذا عكس المقاييس السليمة، ولهذا من الواجب إعادة الأمور إلى نصابها فالوطني إن كان معارضا أو غير معارض هو من يؤمن بالدولة ويحرص على صورتها ويتحدث عن كل الخير فيها، وجمع المشاهدات أو الإعجابات على مواقع التواصل على حساب البلد وأهله ومن خلال الاتهامات والكذب السياسي ليس له علاقة بأن تكون وطنيا أو غير وطني فهذه تجارة مع مواقع التواصل وسعيا للربح.
مع كل أزمة يتأكد لنا أن القصة ليست في مواقف الأردن بل في حقد على اسمه ووجوده وهويته، ولهذا فإن كل خير يأتي من الأردن لا يتم إنصافه، بل يتم البحث عن افتراءات وكذب بحقه، وأن ما يتهم به الأردن زورا يفعله غيرنا، ولانسمع من محتكري الطهارة في منطقتنا كلمة بحقهم؛ لإنهم أولياء نعمتهم.
الوطني هو من يقدم لبلده ويقدرها أما من يتصيد لها الأخطاء ويتمنى لها الأخطاء حتى يشتمها أو يفتري على أهلها فهو السحيج للشيطان وغيره