يعد شهر رمضان في المغرب، مناسبة للسيدات المغربيات لمضاعفة إعداد أشهى أنواع الأطعمة المسمّاة محليًّا بـ"الشهيوات"، سواء لمائدة الإفطار أو السحور، لكنهن يحرصن يوميا على إعداد شوربة "الحريرة".
وتتزين مائدة الإفطار بالخصوص، بأشهى أنواع المأكولات التي يشتهر بها المطبخ المغربي على مر العصور، وتتصدرها شربة "الحريرة" التي تظل من الأكلات الأساسية والمفضلة لدى جميع المغاربة، لذلك تحرص المغربيات على تحضيرها طيلة الشهر الكريم.
ويرافق حساء "الحريرة"، التي تنتشر رائحتها النفاذة في الأزقة خلال إعدادها ساعات قبيل الإفطار، التمور، وحلويات "الشباكية" وفطائر "المسمّن" أو "البغرير"، علاوة على صينية الشاي المغربي.
تقول الشيف هاجر الزموري، إن "الحريرة وجبة أساسية على موائد المغاربة، بفضل مكوناتها التي تمد الصائم بعدد من الاحتياجات الغذائية، خصوصا البروتينات والنشويات والأملاح المعدنية، إضافة إلى أنها لذيذة ومغذية رغم بساطة مكوناتها وسهولة تحضيرها بشكلها التقليدي".
وأوضحت الزموري أن الحريرة تتكون من الطماطم، والبصل، والحمص المنقوع في الماء ليلة كاملة، والعدس، ثم الكزبرة، والبقدونس، والكرفس، والتوابل، مع قطع لحم صغيرة، وقليل من الزيت، والماء، ثم تُطهى في طنجرة على نار لبعض الوقت، ويضاف إليها بالأخير قليل من الدقيق الأبيض".
وأضافت، أن "تحضير شوربة الحريرة المغربية، يتطلب وقتا لا بأس به يصل إلى 3 ساعات تقريبا"، مضيفة أنه "عند استوائها تقدم عادة في زلايف؛ وهي أوانٍ مقعرة تقليدية مغربية مصنوعة بشكل يدوي من الخزف".
ويرجح بعض الباحثين في التاريخ الاجتماعي المغربي، أن يكون طبق "الحريرة" شهد تغيرات عبر التاريخ، خصوصا على مستوى لونها وشكلها، الذي كان شاحبا بسبب عدم إضافة الطماطم إليها، التي لم تكن موجودة في المغرب قبل عام 1930.
وأوضح الباحث الراحل في تاريخ المطبخ المغربي، الحسين الهواري، أن "الحريرة بدأ تحضيرها في المغرب قبل 22 قرنا، وربما قبل ذلك وحملت أسماء مختلفة"، مستندا في ذلك إلى كتاب الباحثة الأمريكية، بولا وولفيرت، التي تتبعت جذور المطبخ المغربي عبر التاريخ القديم.
وأضاف الباحث الراحل، في مقال نُشر على مدونته، أن "الحريرة كانت تشكل الغذاء اليومي الكامل لسكان المغرب قديما، وتحديدا في المواسم الماطرة وأزمنة القحط والمجاعة، خصوصا عند قاطني الجبال والبوادي والرحل".