صوت يفيض خشوعا وهو يترقرق كالماء الشفاف فيغسل الأرواح، ويمس شغاف القلوب من فرط حلاوته وطلاوته، صدقه ورقته، عمقه وأصالته.
إنه صوت القارىء الشيخ الدكتور علي بن عبد الرحمن الحذيفي، إمام وخطيب المسجد النبوي، الذي يتميز بالعمق والرهافة والهدوء البالغ، منطلقا من منطقة رخيمة وطبقة فريدة اجتمع حولها السعوديون في البداية، قبل أن تصبح وجهة للقلوب في العالم العربي والإسلامي التي تلتف حول تسجيلاته في شهر رمضان على نحو خاص.
بلحية بيضاء ووجه منير وقلب متدبر، يبحر مع كتاب الله منطلقا في تلاوة عذبة، فتتجمع في الأفق غيوم السكينة، ويغمر الصفاء الأرواح على وقع نبرة متفردة منحت صاحبها مدرسة فريدة من نوعها في دولة التلاوة.
ولد الشيخ عام 1947 بقرية "القرن المستقيم" في بلاد "العوامر". وتأثر وهو طفل صغير بتلاوة والده الذي كان إماما وخطيبا في الجيش السعودي. تلقى تعليمه في كتاتيب القرية، وختم القرآن الكريم على يد الشيخ محمد بن إبراهيم الحذيفي.
التحق بكلية "الشريعة" في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، ليتعين بعد تخرجه معلما في المعهد العلمي في " بلجرشي"، مع تعيينه أيضا إماما وخطيبا لمسجد المحافظة.
حصل "الحذيفي" على درجة الماجستير في جامعة الأزهر، وكان عنوان "طرائق الحكم المختلفة في الشريعة الإسلامية – دراسة مقارنة بين المذاهب الإسلامية" موضوعا لرسالته في الدكتوراه التي حصل عليها في نفس الجامعة، حيث كان تخصصه الفقه والسياسة الشرعية.
أجيز في القراءات والتلاوة من كبار المشايخ و العلماء مثل أحمد عبد العزيز الزيات، وعامر السيد عثمان، وعبد الفتاح القاضي، ليصبح أحد الأصوات المميزة في حقل التلاوة من المحيط إلى الخليج.
شهدت الجامعة الإسلامية التي تخرج فيها ذروة عطاءه العلمي حيث قام بتدريس التوحيد والفقه في كلية "الشريعة"، كما قام بتدريس المذاهب الأربعة في قسم الدراسات العليا، كما قام بتدريس القراءات في كلية القرآن الكريم.
ترأس اللجنة العلمية لمراجعة مصحف المدينة المنورة، كما شارك في عضوية لجنة الإشراف على تسجيل المصاحف المرتلة في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، كما أنه عضو في الهيئة العليا للمجمع.