أقرَّ مجلس النواب الأمريكي، أخيرًا، مشروع قانون قد يؤدي إلى حظر تطبيق "تيك توك" على مستوى البلاد.
وعلى الرغم أن التطبيق المملوك للصين لن يختفي من هواتف الأمريكيين في وقت قريب، فإن العديد من مستخدميه البالغ عددهم 170 مليونًا في البلاد يشعرون بالقلق الشديد، حتى أن البعض منهم يتسائل إذا كان من الممكن البقاء والازدهار في عالم لا يحتوي على "تيك توك".
مثال سابق في الهند
وفي شهر حزيران/يونيو 2020، حظرت الحكومة الهندية فجأة "تيك توك" والعديد من التطبيقات الصينية المعروفة الأخرى، نتيجة اشتباك عنيف على الحدود الهندية الصينية، حيثُ كانت الولايات المتحدة أول من أشاد بالقرار الهندي.
وفي حين صدم قرار الهند المفاجئ مستخدمي "تيك توك"، البالغ عددهم 200 مليون في البلاد، فقد وجد الكثيرون في السنوات الأربع التي تلت ذلك، بدائل أخرى مناسبة، كما أدى حظر "التيك توك" إلى خلق فرصة بمليارات الدولارات لشركات التكنولوجيا الأمريكية، التي اغتنمت الفرصة بعروضها الجديدة.
ونشبت منافسة قوية بين عمالقة التكنولوجيا العالمية والشركات الناشئة المحلية في الهند، في محاولة لاستقطاب مستخدمي "تيك توك"، حيثُ استفاد "إنستغرام" المملوك لشركة "ميتا" من خلال إطلاق نسخة تشبه "تيك توك" تحت اسم "Instagram Reels".
بينما قدمت "غوغل" بعرض الفيديو القصير الخاص بها "YouTube Shorts"، فيما قام منشئو المحتوى الهنود بسرعة بنقل جميع المحتوى القديم الذي صوروه لـ"تيك توك" إلى المنصتين الأمريكيتين، لكن لم يتمكن الجميع من بناء قاعدة جماهيرية كبيرة على هاتين المنصتين كما كانت على "تيك توك".
تبعات الحظر
وإذا حظرت الولايات المتحدة "تيك توك"، لن يحدث شيء في البداية غير أن شركات "أبل" و"غوغل" ستقومان بإزالته من متاجر التطبيقات الخاصة بهما على الفور، وهو ما يُعني أن التطبيق لن يكون متاحًا للتنزيل بعد الحظر، إلا أن "غوغل" و"أبل" لا تستطيع حذف التطبيق من الهاتف إذا كان على الجهاز بالفعل.
ومن الناحية النظرية، سيظل المستخدم قادرًا على الوصول إلى الخدمة، وإن كان ذلك الآن بجمهور محدود، ومع ذلك، فمن الممكن أن يجبر الكونغرس مزودي خدمات الإنترنت على منع الوصول إلى "تيك توك"، الأمر الذي من شأنه أن يقتل النظام الأساس لـ"تيك توك" بشكل فعال سواء كان لدى المستخدم التطبيق مسبقًا أم لا، وهو ما فعلته الحكومة الهندية عندما حظرت "تيك توك"، لذلك لا يمكن لأحد الوصول إلى التطبيق كما هو.
ومع مرور الوقت، نظرًا لأن التطبيق لن يكون قادرًا على تلقى تحديثات مستقبلية، وسيظل على الإصدار الأخير المتاح قبل دخول الحظر حيز التنفيذ، وهذه بحد ذاتها مشكلة لسببين.
ويتمحور السبب الأول في أنه لن يتمكن مطورو "تيك توك" من إصدار تحديثات أمنية للتطبيق لمعالجة أي ثغرات أمنية يتم اكتشافها في المستقبل، الأمر الذي يشكل خطرًا أمنيًا كبيرًا إذا اكتشف المخترقون السيئون ثغرة أمنية في "تيك توك"، لذلك سيترك المستخدم نفسه عرضة للهجوم، ولن تتمكن الشركة المشغلة لـ"تيك توك" من فعل أي شيء لمساعدته.
أما المشكلة الثانية، فهي مشكلة وجودية تهدد "تيك توك"، لأن حظر التحديثات لن يقتصر على تصحيح الثغرات الأمنية فحسب، بل لن يتمكن "تيك توك" بعد الآن من إرسال تحديثات عامة للحفاظ على عمل التطبيق على أجهزة "آيفون" و"أندرويد"، وفي نهاية المطاف، سيفقد التطبيق التوافق مع أحدث الإصدارات من نظامي التشغيل، وسيتوقف عن العمل.
ماذا سيفعل الأمريكيون؟
وأعرب المسؤولون الأمريكيون عن مخاوفهم من أن الحكومة الصينية قد تجبر شركة "بايت دنس" المالكة لـ"تيك توك"، على تسليم البيانات التي تم جمعها من المستخدمين الأمريكيين، أو أن يصبح التطبيق أيضًا بمثابة أداة لبكين لنشر الدعاية أو المعلومات المضللة أو التأثير على الأمريكيين.
فيما يقول خبراء الأمن السيبراني إن حظر "تيك توك" من الحياة الرقمية الوطنية لن يؤدي إلى توفير مساحة أكثر أمانًا، ما لم يكن هناك تغيير تدريجي في وعي المستخدم بالبرامج الموجودة على هاتفه وما يقوم بتنزيله من الإنترنت.
وبحسب العديد من التقارير، لم يؤدِ حظر "تيك توك" في الهند سابقًا إلى عزل تلك التهديدات، فبينما يشعر مستخدمو "تيك توك" في الولايات المتحدة بالقلق من فقدان الوصول إلى تطبيق الوسائط الاجتماعية الذي يحظى بشعبية كبيرة، هناك دروس يمكنهم تعلمها من بلد على الجانب الآخر من العالم.
ومن المؤكد أن الغالبية ستهاجر إلى منصات أخرى مثل "Instagram Reels" و "YouTube Shorts" بأسرع وقت ممكن، حتى أن البعض بدأ بالانتقال فعلاً، لكن على الصعيد الشخصي للمستخدمين، سيؤدي حظر "تيك توك" إلى خسائر مادية للكثيرين الذين كانوا يستفيدون من التطبيق.
لذلك من الطبيعي أن يبحث بعض الأمريكيون عن طرق لتخطي الحظر مثل استخدام شبكات تجعل اتصالك يبدو كما لو كان قادمًا من بلد آخر، كذلك، ربما ستنتشر على الويب المظلم تحديثات للتطبيق أو نسخ محدثة منه يمكن شراؤها وتنزيلها على الهاتف.
ويُشار إلى وجود بعض الأصوات، التي تتساءل لماذا تهتم الحكومة بالحلول الجادة للمشكلات التي يطرحها تطبيق "تيك توك"، لكنها لا تفعل أي شيء لمنع تسرب الكم الهائل من البيانات من تطبيقات أخرى صينية يستخدمها الأمريكيون.