مكّن العلماء من حل أحد ألغاز الأرض المتعلقة بكيفية تصاعد القارات لأكثر من كيلومتر واحد، وخلق بعضا من أكثر المناظر الطبيعية دراماتيكية في العالم.
وأجاب العلماء، بقيادة فريق من جامعة ساوثهامبتون، على أحد أكثر الأسئلة المحيرة في علم الصفائح التكتونية: كيف ولماذا ترتفع أجزاء "مستقرة" من القارات تدريجيا لتشكل بعضا من أعظم السمات الطبوغرافية على الكوكب. ووجدوا أنه عندما تنفصل الصفائح التكتونية، يتم إطلاق موجات قوية في أعماق الأرض يمكن أن تتسبب في ارتفاع الأسطح القارية بأكثر من كيلومتر.
وتساعد نتائجهم في حل لغز طويل الأمد حول القوى الديناميكية التي تشكل وتربط بعض أكثر أشكال الأرض دراماتيكية، السمات الطبوغرافية الواسعة التي تسمى "المنحدرات" و"الهضاب" والتي تؤثر بشكل عميق على المناخ والبيولوجيا.
وقال توم جيرنون، أستاذ علوم الأرض في جامعة ساوثهامبتون والمؤلف الرئيسي للدراسة: "لطالما اشتبه العلماء في أن السمات الطبوغرافية شديدة الانحدار التي يبلغ ارتفاعها كيلومترا واحدا، والتي تسمى المنحدرات العظيمة، مثل المثال الكلاسيكي الذي يحيط بجنوب إفريقيا، تتشكل عندما تتصدع القارات وتنقسم في النهاية. ومع ذلك، فإن تفسير سبب ارتفاع الأجزاء الداخلية من القارات، بعيدا عن مثل هذه المنحدرات، وتآكلها أثبت أنه أكثر تحديا".
ويقول الفريق الذي يضم علماء من مركز هلمهولتز بوتسدام - مركز أبحاث جي إف زد الألماني لعلوم الأرض وجامعة برمنغهام، إن نتائجهم تساعد في تفسير سبب تعرض أجزاء من القارات التي كان يُعتقد سابقا أنها "مستقرة" لارتفاعات وتآكل كبيرين.
وأشار أيضا إلى أنها تشرح كيف يمكن لمثل هذه العمليات أن تهاجر مئات أو حتى آلاف الكيلومترات إلى الداخل، لتشكل مناطق مرتفعة كاسحة تُعرف بالهضاب، مثل Central Plateau of South Africa.
وأظهرت نتائجهم أنه عندما تنفصل القارات، فإن تمدد القشرة القارية يسبب حركات تحريك في وشاح الأرض، الطبقة بين القشرة واللب.
وأوضح متحدث باسم جامعة ساوثهامبتون: "لقد جمع العلماء أدلة تشير إلى أن المنحدرات العظيمة نشأت على حواف وديان الصدوع القديمة، تماما مثل الجدران شديدة الانحدار التي نراها على هوامش صدع شرق إفريقيا اليوم. وفي الوقت نفسه، تسبب حدث الصدع أيضا في حدوث "موجة وشاح عميقة" تنتقل على طول قاعدة القارة بسرعة تتراوح بين 15 و20 كيلومترا لكل مليون سنة".
وأضاف الدكتور ستيف جونز، الأستاذ المشارك في أنظمة الأرض بجامعة برمنغهام: "ما لدينا هنا هو حجة مقنعة مفادها أن الصدع يمكن أن يولد، في ظل ظروف معينة، خلايا الحمل الحراري الطويلة الأمد في الوشاح العلوي، وأن هذه الأنظمة الحملية التي بدأها الصدع لها تأثير عميق على تضاريس سطح الأرض والتآكل والترسيب وتوزيع الموارد الطبيعية".
وفي الدراسة التي نشرت في مجلة Nature، يقترح الفريق أن اضطراب القارات قد أثر أيضا على المناخ. وقال البروفيسور جيرنون: "إن زعزعة استقرار نوى القارات لابد وأن أثرت على المناخات القديمة أيضا"