في الثامن من نيسان عام 2003، ومع الساعات الأولى لسقوط العاصمة العراقية بغداد بيد قوات الاحتلال الأميركي، دوّى خبر أليم من قلب الحدث: استشهاد مراسل قناة الجزيرة في العراق، الصحفي الأردني طارق أيوب، إثر قصف صاروخي استهدف مكتب القناة في فندق فلسطين، الذي كان معروفًا آنذاك بموقعه كمقر للعديد من وسائل الإعلام العالمية.
كان طارق أيوب، ابن الأردن وفلسطين، يؤدي واجبه المهني في تغطية أحداث الحرب، متحديًا الخطر ومصممًا على نقل الحقيقة كما هي. لكن الصاروخ الأميركي كان أسرع من عدسة الكاميرا، وأقسى من صوت الحق، فأودى بحياته عن عمر يناهز 35 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا من الشجاعة الصحفية والالتزام الأخلاقي.
ولد أيوب في الكويت عام 1967، ودرس الأدب الإنجليزي في الهند، ثم عاد إلى الأردن ليبدأ مسيرته الإعلامية متنقلاً بين وكالات دولية مثل "أسوشيتد برس" و"WTN" وصحيفة "جوردان تايمز"، قبل أن يلتحق بقناة الجزيرة عام 1998، حيث برز بتقاريره ومتابعاته الميدانية الجريئة.
الشهيد طارق أيوب هو زوج النائبة الأردنية د. ديمة طهبوب، التي أكدت في أكثر من مناسبة أن الوفاء لرسالة زوجها وزملائه من الشهداء الصحفيين يتمثل في الاستمرار بالدفاع عن حرية الصحافة، وتأمين بيئة آمنة للإعلاميين لأداء واجبهم دون خوف أو قيد.
رحل أيوب ودفن في مقبرة وادي السير إلى جانب ابنته الرضيعة "نادية"، التي فارقت الحياة بعد 52 يومًا من ولادتها. وكأن القدر شاء أن يجمع الأب بابنته في استراحة أخيرة، تحمل الكثير من الرمزية والألم.
يبقى طارق أيوب رمزًا للصحفي الحر الذي لم يساوم على الحقيقة، واستشهاده شاهد على ثمن الكلمة الصادقة في زمن الحروب، ورسالة تذكير بضرورة حماية الصحفيين وتمكينهم من أداء مهامهم في مناطق النزاع.